كان أول شخص ألتقي به في نيويورك حالما وصلت إلى المركز الإعلامي الأميركي يعتقد أنني لاتيني، وكنت أعتقد كذلك أنه لاتيني، لم تمض خمس دقائق بالإنجليزية مع بعضنا حتى اكتشفنا أننا عرب أقحاح، فبدأنا الحديث بالعربية وكان للأسف حديثنا بلغتنا الأم بذات الصعوبة علينا لفهم كل منا الآخر بشكل سليم، كوني أتحدث العربية الخليجية وهو يتحدث اللهجة المغاربية العربية «وليست المغربية»، وفارق كبير بين اللهجتين، وكان لهذا بالنسبة لي وله أن أكتشف وأتعلم لهجته ويكتشف بدوره لهجتي ولغتي.
***
لنحو شهر ونصف الشهر عشت في الولايات المتحدة الأميركية بصحبة التونسي النبيل الإعلامي حسام حمد، وبالمناسبة عندما تعرفت عليه أول مرة عرفني على نفسه قائلا: «مرحبا أنا أوسام من تونس»، هكذا كان يعرف عن نفسه والحقيقة أن اسمه حسام بالحاء، غير أنه ولسبب غير معروف كان يهرب من الحاء العربية في حديثه مع الأجانب.
***
حسام حمد مذيع متمكن ومحاور جيد وله أكثر من برنامج حواري، معي كان مجرد الصديق حسام، كنا نتحدث عن كل شيء إلا عملنا. الرحلة معه أشبه بسبر أغوار النفس العربية في بلاد العم سام، ماذا نكره وماذا نحب فيها وبها وعنها، واكتشفنا بالنهاية أننا نحب أميركا الإنسان وقد كان كذلك كما نعرفها وكما كنا نعرفها، وتونس هي الأخرى بالنسبة لي لها مكانة خاصة، عامة يقول البدو «القدر لا يركب إلا على ثلاث»، ولم تكن لتكتمل رحلتنا المجنونة بكل تفاصيلها دون وجود شخصية ثالثة ومن بين كل المشاركين من دول العالم كان شريكنا الثالث والمقرب الصحفي الكرواتي خورخيه الذي كان يدخن سجائر اللف كأنه ولد ومات في البصرة ثلاث مرات، المهم سبب دعوتي عليه هو أنه وأعني خورخيه كاد يعرضنا للاعتقال في واشنطن بعد أن اعتقد رجال الشرطة أنه يلف سجائر حشيش.
***
أتينا من ثلاثة بلدان مختلفة جمعتنا الصداقة رغم تفريق اللهجة واللغة لنا. أمر آخر اكتشفته أننا ككويتيين نشبه كثيرا التونسيين والكروات.
***
تذكرت تونس وتذكرت حسام، وبالأمانة تونس هي رئة الحرية العربية، ومتى ما كانت بخير فنحن بخير.
[email protected]