- محمد السنعوسي: الإعلام الحالي أصبح عبارة عن «شللية» وترهل وهدر للأموال.. والوزارة تعاني من كثرة موظفيها وهم ليسوا إعلاميين
- سامي النصف: نحتاج إلى إعلاميين من الكوادر الوطنية شديدي المهنية لمواجهة التحديات القادمة ولابد ألا يكون الإعلام «مهنة من لا مهنة له»
- عبدالله المضف: قوانين الإعلام كارثية والعقوبات مبالغ فيها وقدمت الكثير من الاقتراحات لتعديلها بمجلس الأمة
- مهند الساير: «الإعلام حاشته حالة الوهن» والمرحلة القادمة ليست مرحلة رفع شعارات وإنما لابد من حلول واقعية وبدونها «لا طبنا ولا غدا الشر»
- وليد الجاسم: المجتمع يعاني من رعونة وعنف لفظي وجسدي ولابد من قيام مؤسسات الدولة بدورها في القضاء على تلك السلوكيات السلبية
- ناصر المجيبل: كل التشريعات الإعلامية الصادرة من 2006 هدفها تقييد الممارسة الإعلامية وليس تنظيمها وتعزيزها
آلاء خليفة
عقدت الجمعية الكويتية للإعلام والاتصال أولى جلسات ملتقى يوم الإعلام الكويتي، وذلك بمشاركة كل من وزير الإعلام الأسبق سامي النصف ووزير الإعلام الأسبق محمد السنعوسي والنائب عبدالله المضف والنائب مهند الساير ورئيس تحرير جريدة الراي وليد الجاسم وأستاذ الإعلام بجامعة الكويت د.ناصر المجيبل، والتي أدارها مدير مكتب قناة العربية في الكويت عادل عيدان.
في البداية، قال وزير الإعلام الأسبق محمد السنعوسي ان الأمل دوما في ان يكون لدينا إعلام نتباهى به، بإمكانياته وإبداعاته ورجاله العاملين، لكن هناك مشكلة رئيسية مهمة لابد ان نعترف بها وهي أن الدولة على مستوى الحكومة غير مهتمة ومتابعة للإعلام الكويتي وليست لديها رغبة حقيقية في تطويره، موضحا أن هناك أساليب كثيرة طرحت في السابق منذ عام 1985، حيث تقدم مجموعة من رجالات الكويت المخلصين باقتراح الى رئيس مجلس الأمة بمشروع قانون بإنشاء مؤسسة للإعلام ولكن لم يتم الأخذ بهذا الاقتراح، ونرى ان وزارة الإعلام مثقلة بأمور وأشخاص لسنا بحاجة لهم وعالة على الإعلام وفي أهم إدارتين وهما الإذاعة والتلفزيون.
وتابع قائلا: كما تم تقديم اقتراح آخر عام 1997 لرئيس مجلس الأمة ضمن خطة شاملة لتطوير الإعلام الرسمي بأن تكون هناك استقلالية وحرية لكن لم يتم الأخذ به أيضا، موضحا انه أثناء قيادته وزارة الإعلام عمل على إعادة هيكلة الوزارة، مؤكدا انه لا يمكن تطوير وزارة الإعلام وهي مثقلة بمطبعة وكونا وإعلام خارجي وأمور أخرى متعددة.
وأشار السنعوسي إلى ان مجلس الوزراء أقر مرتين بيع المطبعة، لاسيما انها أصبحت تكبد الدولة خسائر كبيرة.
وقال ان وزارة الإعلام تعاني من كثرة موظفيها وهم ليسوا إعلاميين انما موظفو إعلام، والوزارة ليست بحاجة لهم، مشددا على ضرورة وضع تنظيم جديد خاص يختلف عن ان تكون وزارة، وموضحا اننا قد نحتاج إلى وزارة ثقافة أهم بكثير من وزارة للإعلام.
وأوضح السنعوسي أن وزير الإعلام تحدث عن إستراتيجية جديدة ولكن إذا لم يقم بإعادة هيكلة الوزارة والتخلص من العوائق فلن يستطع تحقيق شيء.
وعتب السنعوسي على تلفزيون الكويت في اهتمامه بالأخبار وطريقة اختيار وعرض الأخبار، موضحا ان هناك أخبارا أهم بكثير من الأخبار التي تعرض على تلفزيون الكويت.
وقال السنعوسي: لا مجال حاليا لانتعاش سوق الإعلام الخاص فالسوق محدود ولا توجد إعلانات ومجموعة الفنانين القادرين على العطاء قليلين جدا ولن يتمكنوا من تلبية متطلبات القنوات الخاصة، وخلال سنتين ستغلق القنوات الخاصة، لاسيما مع انتهاء نشوة امتلاك قناة خاصة. وأفاد السنعوسي بأن الإعلام الحالي أصبح عبارة عن شللية وترهل وهدر للأموال، وهذا الثلاثي موجود في هذه الصناعة.
بث روح التفاؤل
وانتقل الحديث إلى وزير الإعلام الأسبق سامي النصف الذي أكد أن الأمم تنهض بكل قطاعاتها وتترهل بكل قطاعاتها، فمن غير الإنصاف أن نضع اللوم فقط على قطاع الإعلام في الكويت، موضحا ان الكويت عندما نهضت في بداية الستينيات شملت نهضتها كل القطاعات الصحية والتعليمية والإعلامية والرياضية والثقافية، قائلا: ان الإعلام لا يمكن ان يصنع من «الفسيخ شربات»، مطالبا بضرورة تعيين الشخص المناسب في المكان المناسب، ومشددا على دور الإعلام في بث روح التفاؤل في المجتمع وكذلك في محاربة الشائعات من خلال نقل الصورة الصحيحة للمواطنين، ومؤكدا كذلك على دور الإعلام الحكومي في عملية تدريب وتأهيل الشباب.
وقال النصف: نحن نحتاج الى قطاع شبابي وطني محترف، خاصة اننا في مواجهة ثورة معلوماتية تسمى الثورة الرابعة ولابد من تأهيل الشباب لها، متابعا: المواطن الكويتي أصبح أذكى مواطن في العالم لأنه في كل صباح يجب ان يكون مختصا بالسياسة والاقتصاد وضليعا في الدساتير وبقضايا البتروكيميكال وحقول الشمال والطائرات الحربية، والمستقبل بحاجة الى فلسفة للنظر في حاجتنا من الإعلام، وهناك دور كذلك للإعلام بوزارة الإعلام وهذا موجود في الدول المتقدمة ويفترض ما بين الحكومة ومجلس الأمة ألا يصدر تشريع إلا بعد ان يدور حوله نقاش في الأجهزة الحكومية كما هو معمول به في معظم الدول المتقدمة.
وأكد النصف أهمية تأهيل وتدريب الإعلاميين الكويتيين والسماح لهم بالعمل في الفضائيات العربية المختلفة طالما لن يؤثرعلى عمله في الإعلام الكويتي، مؤكدا أهمية التوعية الإعلامية في مختلف القضايا ومنها قوانين السوشيال الميديا.
وختم قائلا: نحتاج الى إعلاميين من الكوادر الوطنية شديدي المهنية لمواجهة التحديات القادمة ولابد ألا يكون الإعلام «مهنة من لا مهنة له».
حرية الرأي
بدوره، أوضح النائب عبدالله المضف ان الإعلام هو نافذة لتعريف شعوب العالم على الدولة، وأن الكويت تمتلك الإمكانيات وتمتلك عوامل النجاح ومنها رؤوس أموال وعقليات متميزة ومساحة جغرافية صغيرة وعدد سكان قليل، لكن للأسف المشكلة هناك أزمة في الإدارة.
وأفاد المضف بأنه في الستينيات كانت الريادة للإعلام الكويتي لكن اليوم أصبح الإعلام مقيدا، فحرية الرأي موجودة وإن كانت مقيدة، الإعلام أصبح غير تقليدي والفرد أصبح إعلاما بمفرده.
وأفاد المضف بأنه تقدم بعمل تعديلات على الكثير من القوانين الإعلامية التي أقرت ومنها المطبوعات والنشر وكذلك الإعلام إلكتروني والمرئي والمسموع، فقد كانت قوانين كارثية وعقوباتها مبالغ فيها وهي تضييق على حرية الرأي والتعبير.
وقال المضف: أنا لست إعلاميا ولكن مؤمن بأن الإعلام الناجح والحقيقي هو الإعلام الذي يحاكي الواقع، الإعلام هو السلطة الرابعة في الدولة ولابد ان تكون سلطة حقيقية لا سلطان عليها إلا في حدود القانون وان يعطي القانون مساحة من حرية الرأي والتعبير وتعزيزها.
وذكر المضف ان الشائعات انتشرت اليوم بشكل مخيف ولابد من مواجهتها من خلال وسائل الإعلام التي تسلط الضوء على الحقيقة، مؤكدا أن على جميع القطاعات في الدولة أن تنهض مع بعضها البعض ولكن الإعلام هو الذي يجب ان يسبق كل القطاعات الأخرى لأنه بالإعلام الحر سنقوم بتصحيح كل الأوضاع الخاطئة في الدولة.
من ناحيته، أوضح النائب مهند الساير في مجلس الأمة، أن القضية الإعلامية تعد من أهم أولوياته هو ومجموعة من النواب تحت قبة عبدالله السالم.
وقال الساير: حاولنا ان نضمن متطلباتنا في بداية عملنا البرلماني في مثل تلك القضايا ولكن المشكلة ان «الإعلام حاشته حالة «الوهن» حاله حال الصحة والرياضة والاقتصاد والتعليم».
وذكر الساير ان في الكويت لا توجد لدينا استفتاءات شعبية ولكن كان لدينا إعلام حر يعكس حال المجتمع لكن حاولوا قمع الإعلام، بما أوصلنا الى تلك المرحلة السابقة لذا فإن المرحلة المقبلة ليست مرحلة رفع شعارات وانما لابد من حلول واقعية وبدونها «لا طبنا ولا غدا الشر».
وأشار الساير الى ان هناك حالة من البطء في إصدار التشريعات لا تواكب التطورات العالمية من حولنا، موضحا ان دول العالم أصبحت تشرع قوانين بشكل متسارع ولكن نعاني في الكويت من البطء في إصدار التشريعات، متابعا: الأحداث السياسية الحالية لم تمكنا من تغيير الكثير من القوانين ولكن نعدكم بأن قوانين الإعلام ستكون من أولويات المرحلة المقبلة بالتعاون مع المتخصصين في مجال الإعلام.
وشدد الساير على ضرورة تطبيق القوانين من خلال الرقابة على الحكومة من قبل مجلس الأمة، قائلا: ولكن مع الأسف لا توجد جدية من الحكومة في الارتقاء بالإعلام.
تكويت الوظائف
مـــن جانبه، أوضـــح رئيس تحرير جريدة الراي وليد الجاسم، أنه يجب ألا نفقد الثقة في إعلامنا، وأن الإشكالية اليوم هي اننا في مجتمع تفوق نسبة الشباب به 65% لكنهم مع الأسف فقدوا ثقتهم في الدولة وإيمانهم بها والشعور بالأمان وبالمستقبل وهذا كله يحتاج لإعلام يعرف يتعامل معهم ويستعرض ما تفعله الحكومة من إيجابيات ويضرب السلبيات ولكن هذا مع الأسف غير موجود.
وقال الجاسم: نحن أمام جيل قادم فقد جميع المثل العليا وأصبح النموذج السائد في التخاطب هو الصراخ والعنترة وشغل الفتوات والصوت العالي، ولأنه أصبح سائدا في المجتمع أصبح هو لغة الإعلام السائدة.
وأفاد الجاسم بأن الإعلام الخاص يواجه كذلك مشاكل عدة ولن يكون قادرا على عمل نهضة حقيقية فهي بيد الدولة إذا عملت على دعم الإعلام بشكل حقيقي، مقترحا أن يكون هناك تكويت في الوظائف الإعلامية وإعادة نظام الانتداب.
وذكر الجاسم أن على الحكومة تصحيح الأخطاء والتنظيم يبدأ من الأعلى للأسفل، موضحا أن المجتمع يعاني من رعونة وعنف لفظي وجسدي ولابد من مؤسسات الدولة القيام بدورها في القضاء على تلك السلوكيات السلبية وتطبيق القانون وبشكل رادع على الجميع.
السياسات الإعلامية
وختاما ذكر أستاذ الإعلام في جامعة الكويت د.ناصر المجيبل، ان الجمع بين العمل والدراسة في مجال التخصص من أهم التشريعات التي يجب ان يتم تعديلها، موضحا أن أحد أهم طرق التعلم بجانب التعلم الأكاديمي هي ممارسة ما يتعلمه الطالب في الجامعة وتطبيقه على أرض الواقع، مستغربا انه في الكويت غير مسموح للطالب بأن يجمع بين الدراسة والعمل.
وأشار المجيبل الى انه حتى يومنا عدم وجود قانون ينظم عمل الموهوبين والفنانين مطالبا بضرورة تغيير السياسات الإعلامية من أجل إعلام أفضل.
وأفاد المجيبل بأن تردي الحالة الإعلامية في الكويت جاءت نتيجة تردي الكويت في العديد من مناحي الحياة، مؤكدا أن التسارع في نهوض الإعلام في الكويت سيكون إحدى الأدوات التي تجذب بقية القطاعات في النهوض لأنها تمارس دورا مهما في توجيه المؤسسات.
وأشار المجيبل إلى ان الإعلام قائم بشكل أساسي على فكرة حرية تداول المعلومات، وإذا لم يكن ذلك الأمر واضحا فلن تكون هناك ممارسة إعلامية واضحة، فالإعلامي بدون حريات كالعسكري بدون سلاح، موضحا ان وسائل التواصل الاجتماعي أصبحت هي السلاح الأقوى الذي طغى على السلطة الرابعة التقليدية كونها لا تتقيد بالقيود السياسية والقانونية والاجتماعية، متابعا: علينا التفكير في التشريعات التي تنظم العمل الإعلامي هل هي تشريعات الهدف منها التنظيم ام التقييد، هل تعزز الممارسة الإعلامية ام تقيدها؟ مؤكدا ان كل التشريعات الإعلامية الصادرة من 2006 هدفها تقييد الممارسة الإعلامية وليس تنظيمها وتعزيزها.
وذكر المجيبل ان الكويت تطور إعلامها في وقت كان التلفزيون والإذاعة المصدرين الوحيدين للمعلومات والمعرفة والثقافة والترفية، ولكن اليوم بوجود أجهزة إعلامية حكومية تصرف على مئات الملايين لم تعد تلك الأجهزة هي مصدر المعلومات والمعرفة والترفيه للجمهور، متسائلا: ما الفائدة من وجود إعلام رسمي حكومي وما حجم الإعلام الحكومي المطلوب اليوم؟ وهل من وظيفة وزارة الإعلام إنتاج المسلسلات وإنتاج برامج تلفزيونية منوعة وإدارة 14 محطة إذاعية.. هل هذا دور إعلام الدولة؟
وختم قائلا: لا يمكن إعادة بناء الإعلام في ظل الهيكل الإداري الحالي القائم، مشددا على أهمية ان يكون دور الإعلام الحكومي في المستقبل قائم على بناء قيم وتصورات حول المواضيع المختلفة وهوية المجتمع وتعزيز بعض العادات والسلوكيات الإيجابية.