في الأمس وفي طريقي إلى المنزل الساعة الثانية ظهرا، والشمس حارقة - لا يحتمل حرارتها أحد، وإذا بطفلين يبلغان من العمر من ست إلى سبع سنوات دون مرافق على الدوار يبيعان كراتين «موز»، فوقفت لهما وسألتهما ما الذي أتيا بكما تحت الشمس الهالكة لا ماء ولا طعام ولا ظل تستظلان تحته من أشعة الشمس - ماكثين لساعات طويلة؟، فقالا لي أن أحد الأشخاص أتى بهما لهذا المكان من أجل بيع هذه الكراتين من الفترة الصباحية وحتى الساعة السادسة مساء، ومن ثم يرجع لأخذ مبلغ المبيعات كله ويعطيهما في المقابل 3 دنانير لكل واحد منهما لكي يساعد بها عائلته، كنت أتمنى حينها سيارة شرطة تقف بجانبهما وترجعهما لأحضان أميهما، مانعة أي طفل يمكث في الشارع لساعات طويلة تحت شمس الكويت.
السؤال: أين قانون حقوق الطفل في بلد الإنسانية؟، ألا يجدر بأن بلد الإنسانية تقف وقفة حازمة أمام المهازل التي تحدث في الشوارع، لابد من حلول تساعد هؤلاء الأطفال الذين انتهكت طفولتهم بهذه المهاترات بلا رحمة، فالطفل من أبسط حقوقه توفير الحماية والراحة له طالما أنه صغيرا يعتليه الضعف - لا حول له ولا قوة.
وبشكل عام، فالبيع بالشوارع لا يقتصر على الأطفال وإنما أيضا الشباب في عمر الزهور أعمارهم لا تتعدى سبع عشرة سنة - تجدهم متناثرين في شوارع الكويت، فمنهم من يقف جنب إشارات المرور ومنهم على الدوار في المناطق الداخلية، راجع عزيزي القارئ مقالي (أطفال الشوارع) - (البدون)، فقد أشرت إلى الحلول والاستراتيجيات التي تحفظ كرامة هذه الفئة من الناس خاصة الأطفال منهم والشباب الذين يقطنون على هذه الأرض منذ ولادتهم - في مقابل استثمار طاقاتهم من أجل تنمية البلد.
فرسالتي إلى المسؤولين، وقفة تأمل حازمة في حل مأساة إنسانية في «بلد الإنسانية» وذلك من خلال إصدار القوانين التي تنظم الأمن الداخلي للبلد، وقوانين تكفل حقوق الإنسان وخاصة الطفل الغريب.
كذلك أناشد أصحاب التنمية والإصلاح من المسؤولين تأويل الأفكار التنموية التي تعود بالنفع على الواجهة الحضارية للبلد من جهة وكفالة حقوق الإنسان بها سواء كان مواطنا أو وافدا من جهة أخرى - إن حرارة الصيف في الكويت قاسية - فأصحاب العربات التي تبيع المثلجات في الشوارع يرجون الحلول التي تقيها من الحر وضربات الشمس، فلماذا لا توضع لهم غرف صغيرة مكيفة تحتوي على سبل الرفاهية البسيطة - لها شكل حضاري جميل موزعة في جميع مناطق البلد لهؤلاء الناس الذين يقضون ساعات طويلة يبيعون تلك المثلجات التي تفرح الصغير والكبير- رحمة لهم من أثر أشعة الشمس الملتهبة.
وأخيرا، إن بلد الإنسانية يجب أن يكمل مسيرته في الاستزادة من المشاريع التنموية الداخلية من خلال استثمار الطاقات الشبابية في خدمة المجتمع الإنساني، ومن أبشع المناظر اللاإنسانية أن تنتهك حقوق الطفولة في بلد خير معطاء، أسأل الله أن يجد مقالي القبول.
family_sciences@