يعتبر التواصل بين النساء جزءا مهما للتواصل الإنساني بين دول العالم.
ظلت الصين والكويت تهتمان بتعزيز تنمية القضية النسائية وتشجيع النساء على المشاركة في التواصل والتعاون الدوليين.
وتشهد مسيرة علاقات الصداقة الصينية- الكويتية الممتدة لـ 50 عاما عددا كبيرا من النساء المتميزات اللاتي ساهمن في تعزيز تفاهم الشعبين، ومنهن السيدة لولوة القطامي.
إن تجارب السيدة لولوة لافتة في عدة جوانب، فهي أول امرأة كويتية سافرت إلى المملكة المتحدة للدراسة، وأول امرأة كويتية تدرس اللغات الأجنبية في المدرسة الثانوية الكويتية، كما أنها أول رئيس لكلية البنات في جامعة الكويت.
كان لنا شرف زيارتها في الفترة الأخيرة، لم نتوقع أن تخطي حاجز التسعين عاما لم يفقدها ذرة من الجمال والأناقة والحيوية.
قالت السيدة لولوة لنا إنه سبق لها أن زارت الصين ثلاث مرات، وسافرت إلى مناطق مختلفة بها، ولكل زيارة تجارب ومشاعر مختلفة. لم تكن الزيارة الأولى للصين إلا بعد فترة وجيزة من إقامة العلاقات الديبلوماسية بين الصين والكويت.
كانت السيدة لولوة، باعتبارها رئيسة الجمعية الثقافية الاجتماعية النسائية، قد شاركت في استقبال زيارة أول وفد صيني رفيع المستوى للكويت بعد إقامة العلاقات الديبلوماسية بين البلدين. وبعد هذه الزيارة، وجه اتحاد النساء لعموم الصين دعوة إلى السيدة لولوة لزيارة الصين في عام 1981.
حتى في يومنا هذا، لا تزال السيدة لولوة تتذكر الحماسة والحرص قبل زيارتها الأولى للصين، مضيفة: «طالما نسمع المثل القائل: اطلبوا العلم ولو في الصين»، وقد أتيحت لي الفرصة لأزورها أخيرا».
وخلال الزيارة، التقت السيدة دينغ ينغتشاو رئيسة الشرف لاتحاد النساء لعموم الصين السابقة حرم رئيس مجلس الدولة السابق تشو أنلي والسيدة كونغ كهتشينغ رئيسة الاتحاد السابقة حرم القائد العام لجيش التحرير الشعبي الصيني السابق تشو دي بالوفد الكويتي الذي كانت ترأسه السيدة لولوة.
وعلى هامش الزيارة، صعدت السيدة لولوة إلى قسم «بادالينغ» الشهير بسور الصين العظيم، واصفة شعورها بقولها: «لا يمكنك أن تشعر بخلابة السور العظيم الذي يمتد على آلاف الأميال عبر الجبال إلا عندما تقف عليه، فهو عجيبة من عجائب الدنيا السبع، والتي لا يمكن أن ترى مثيلا لها في بقية دول العالم».
وانطلاقا من عاطفتها الخاصة للتعليم، زارت السيدة لولوة جامعة بكين، حيث ركبت الدراجة في حرم الجامعة لتجربة حياة طلبة الجامعة.
في الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي، زارت السيدة لولوة الصين مرتين في كل من منطقة منغوليا الداخلية الذاتية الحكم ومقاطعة يونان. قالت السيدة لولوة لنا: «كان أحد مسؤولي منطقة منغوليا الداخلية الذاتية الحكم يقول في مأدبة العشاء التي تم إقامتها على شرفنا ترحيبا لنا، «سرنا أن نستقبل أول وفد نسائي من الكويت». كما قدموا لنا خلال هذه الزيارة أطباق من الأكل التقليدي مثل السلاحف الصغيرة والبطاط مع السكر (كان يقدم لهم ليتحملوا البرد هذه المنطقة) وقد كان فيض كرم الضيافة باديا من الأصدقاء الصينيين، حيث وضعوا لنا جدولا غنيا بالرحلات التي أحسسنا خلالها فيما بعد ببرودة الرياح القارسة ليلا في سهل منغوليا، وركبنا جملا ذا سنامين، كما ذقنا الأطعمة المنغولية الفريدة، وارتدينا الأزياء المنغولية للمرأة، لقد كانت زيارة شيقة ومثمرة». ولقد لفت انتباه السيدة لولوة الخيم المنغولية المجهزة لتحمل البرد القارص والذي صنع من شجر البامبو. أما في مقاطعة يونان، فقد زارت السيدة لولوة غابة الأحجار ومصطبة لحقول الأرز.
تعشق السيدة لولوة المنتجات اليدوية الصينية عشقا خاصا. ولذلك، طلبت زيارة مصنع الحرير والمنتجات اليدوية خلال زيارتها للصين. قالت لنا: «إن ما ترك انطباعا أعمق في قلبي بعد الزيارات الثلاث للصين هو الشعب الصيني، إنه شعب مجتهد وذكي ذو صبر، وفي أحد المصانع التي زرناها، وجدنا مئات الحرفيين يعملون تحت سقف واحد دون أي ضجيج، حيث كانوا جميعا منهمكين في أعمالهم. إن عملية الإنتاج لهذه الأعمال الفنية تطلب طاقات هائلة».
وضربت السيدة لولوة مثلا لنا بزينة العاج التي اشترتها في الصين قبل وقت طويل، حيث قالت: «رغم أن الكرة صغيرة، إلا أنها تحتوي على 7 طوابق، وكل طابق رائع ودقيق مثل هذا الطابق السطحي. قيل إنه استغرق إنتاجها أكثر من 5 أشهر بأيدي فني واحد».
في ختام المقابلة، قالت السيدة لولوة لنا: لقد شاهدت قوة النساء الصينيات أيضا خلال زياراتي للصين.
وعلى غرار الكويت، بذلت الصين جهودا جبارة في ضمان حقوق النساء ومصالحهن لتمكينهن من العمل بنشاط في مختلف المجالات.
وعلى هذا الأساس، قدمن مساهمات مهمة للغاية في مجالات الإنتاج والتعليم والعلوم والثقافة والصحة وغيرها الكثير، وهن يقمن بنصف الأعباء، وكأنهن يحملن على أكتافهن «نصف السماء».
وفي السنوات الأخيرة، أصبحت الكويت نموذجا للدول العربية من حيث احترام النساء والاهتمام بدورهن، وذلك يتجسد في اعتماد يوم 16 مايو من كل عام كيوم للمرأة الكويتية، وتعيين 8 قاضيات كويتيات في يونيو الماضي لأول مرة في تاريخ الكويت.
أما في الصين، فشهدت هذه السنوات ارتفاعا ملحوظا لمكانة النساء السياسية، وازدياد عدد العاملات في مجال العلوم والتكنولوجيا إلى نحو 36 مليونا، ما يساوي نحو 40% من جميع العاملين في المجال ذاته.
كما أن النساء وقفن في الصفوف الأمامية للمعركة ضد جائحة كورونا، وشكلن ثلثي الكوادر الطبية التي توجهت من مختلف أنحاء الصين إلى مقاطعة هوبي لدعم مكافحة الجائحة فيها، إضافة إلى د.تشن وي التي تترأس عملية البحث والتطوير للقاح مضاد لكوفيد-19، والذي قد حصل على ترخيص الاستخدام، الأمر الذي أظهر الشجاعة والذكاء وروح المسؤولية للنساء الصينيات في العصر الجديد.
إن الإنجازات المهمة لتنمية القضية النسائية في كل من الصين والكويت فتحت مجالات أرحب للتعاون والتواصل النسائي والتي شهدناها من خلال جهود النساء الكويتيات ومساعدتها للمجتمع في مكافحة جائحة كورونا في جميع القطاعات العامة الصحة، التعليم، التجارة وغيرها.
وبالإضافة إلى السيدة لولوة، كانت رئيسة مركز العمل التطوعي الشيخة أمثال الأحمد الصباح وخبيرة العلاقات الصينية- الكويتية الشيخة العنود إبراهيم الصباح قد زرن الصين عدة مرات.
وفي عام 2017، قامت رموز نسائية من الكويت في المجال السياسي والإعلامي والفني وغيرها من الدول العربية بزيارة الصين للمشاركة في أنشطة التدريب، وذلك يسهم في تعميق التواصل النسائي بين الصين والكويت وتوسيع مجلات التعاون بين الدولتين.
كما أكد الرئيس الصيني شي جينبينغ في اجتماع قادة العالم حول المساواة بين الجنسين وتمكين النساء عام 2015 أنه يجب على المجموعات النسائية من جميع البلدان تعزيز التواصل والصداقة، بما يحقق التنمية والتقدم بشكل مشترك. إننا نرحب بمزيد من المنظمات النسائية والصديقات الكويتيات لزيارة الصين، بغية تعزيز التواصل والتعاون والتفاهم بين الشعبين، سعيا لضخ قوة العنصر النسائي في تنمية العلاقات الصينية- الكويتية.