علينا أن ننطلق في الاستفادة من الموارد في مجالها الصحيح وضمن ضوابط وشروط لكيلا يسرقنا الزمن في غفلة منه، ونجد أنفسنا في حال مختلف، لذلك التخطيط مهم، وكذلك حركة التفكير الجماعي للمختصين ضمن نطاق المؤسسات، فلسنا نحن العرب مختلفين عن باقي شعوب العالم، ولكن المسألة هي إرادة وتنظيم وتخطيط وتطبيق ضمن مشروع يحمله ويؤمن به «رجال دولة» يريدون ذلك ويسعون إليه.
إن الإسراف في استهلاك الأطعمة والغذاء فوق الحاجة، ليست مشكلة محلية، بل واقع دولي منتشر يهدد الأمن الغذائي في ظل تغير المناخ وزيادة التعداد السكاني للعالم، حيث تقدر منظمة الأغذية والزراعة (الفاو) التابعة للأمم المتحدة، بأن ثلث الغذاء في العالم «مهدر» وضائع دون فائدة، وهذا له أهمية خاصة لنا في دول الخليج لقلة الأراضي الزراعية واعتمادها على الاستيراد لتحقيق الأمن الغذائي.
وعلى المستوى الإنساني «الإسراف في الأطعمة» هو سلوك مذموم وبه تكلفة اقتصادية وضرر بيئي واجتماعي وحرمان للمستحقين من الفقراء والمحرومين، وعلى المستوى الديني يتم اعتباره من «التبذير» وهو ضمن تجاوز الحد والتبديد من غير ضرورة وإضاعة لإحدى نعم الخالق علينا، وجاء في القرآن الكريم: (وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين) الأعراف31
وهذا أيضا ثابت في النهي النبوي عن صنع كميات كبيرة من الأطعمة الزائدة عن الحاجة: «من كان عنده فضل زاد، فليعد به على من لا زاد له» صحيح مسلم.
لذلك حالة التوفير والحفاظ على المصادر من الأمور الحيوية والمهمة لمن يريد «توجيه المهم للأهم» وكذلك الحصول على المنفعة والفائدة، وهذا الأمر ليس كلاما نظريا إنشائيا، بل هو أيضا مبدأ ديني «إسلامي» قرآني مع رفض التبذير والإسراف.
في هذا السياق نلاحظ قرار «مميز» قامت به جمهورية الصين الشعبية رسميا في منع إهدار الطعام لتعزيز «مجتمع يحافظ على الموارد وصديق للبيئة» وانطلقت بذلك في خط التطبيق حتى على المستويات الدعائية الترفيهية إذا صح التعبير، حيث تم استبعاد مواقع إنترنت لمدونات وحسابات التواصل الاجتماعي الخاصة بنشر ثقافة «الإسراف في ألأطعمة والترويج للموائد الضخمة»، والتي كانت شائعة في الصين، مع غرامات تصل إلى ما يعادل 4600 دينار كويتي تقريبا.
وكذلك قامت الصين بالسماح للمطاعم في فرض رسوم إضافية إذا طلب رواد المطعم زيادة عن حاجتهم وتم ترك كميات كبيرة لم يتم استهلاكها.
وحركية «الصين» في هذا المجال ليست «قراقوشية!» إذا صح التعبير بل احصائية رقمية واعية، حيث يتم هدر ما يزيد عن 18 مليار كيلوغرام من الطعام كل عام في الصين.
وهنا انطلق التفكير وتحرك التخطيط في خط التطبيق للحفاظ على موارد ضائعة بدون استفادة، وهذا تميز وقرار لـ «دولة» تعرف، ولمؤسسات «تخطط» ولـ«إدارة» تنفذ على خط التطبيق «والعمل الصالح» على أرض الواقع وهو ما سيبقى «شاهدا» على الإنجاز، وتحقيق المكتسبات الحضارية للعيش ضمن «حركية التاريخ وصناعته» وليس هامش التاريخ تسرقه لحظات الزمن.