قد تكون المعاناة هي الرابط المشترك بين شعراء المعلقات العربية، فهناك من عانى من اغتصاب ملك أبيه كامرؤ القيس، وهناك من عانى من نبذ المجتمع له كعنترة، أما زهير فكانت معاناته بعد طلاقه من أم أوفى، وطرفة بن العبد القائل:
وظلم ذوي القربى أشد مضاضة
على المرء من وقع الحسام المهند
واضح أن معاناته كانت من أهله، أعمامه أخذوا ورثه من أبيه، وأساءوا إلى أمه، وله ديوان شعر كامل أبرز ما فيه هو معلقته، التي كانت تتحدث عن معاناته مع أهله الأقربون، وأن أعمامه الذين يعتبرون من شرفاء قومهم لم يذكرهم التاريخ إلا لأنهم كانوا السبب في معاناة طرفة، فلا انتصاراتهم الحربية ولا إكرامهم وقوتهم وفروسيتهم لم تكن شفيعة لهم ليدخلوا التاريخ، إنما دخلوه فقط بسبب وضاعتهم بالتعامل مع ابن أخيهم.
خلال عيد الفطر، قرأت تغريدة لدكتورة يابانية كانت تعيش في فلسطين المحتلة، ويبدو أن لها ميولا صهيونية، تغريدتها كانت عبارة عن ترجمة لمغرد عربي يذم فيها الفلسطينيين وقياداتهم، في وقت كانت الأمة العربية عموما والفلسطينيون خصوصا بحاجة الى وحدة الصف، ضد الهجوم الجائر على غزة، اليابانية اختارت هذه التغريدة من ملايين التغريدات العربية التي تدافع عن فلسطين وترجمتها، ولسان حالها يقول هذا هو رأي العرب في القضية الفلسطينية، لذلك حصلت ترجمتها على ما يقارب الألفين إعادة تغريد وأكثر منها «إعجابا».
فلسطين تعاني من الاحتلال وبتواطؤ عالمي، وبخذلان عربي، هذا الخذلان امتد لعشرات السنين، كان بشكل عدم نصرتها عسكريا، وبدأ منذ سنوات بتحول هذا الخذلان إلى هجوم مباشر عليها وعلى قضيتها، قد يكون بشكل غير رسمي لكن ملحوظ، ومن خلال إجبار المقاومة الفلسطينية قوات المحتل على وقف الهجوم والرضوخ للهدنة، واضح أن فلسطين ستكون لديها قوة، وأنها ستنتهج طريقة طرفة بن العبد في تحويل معاناتها إلى موهبة، وسيذكر التاريخ كل من تخاذل عنها ليس بالأمور الإيجابية التي يفعلها بل بسبب هذا الخذلان.