«نبي طبيب أسنان يسولف لنا عن الصاروخ الصيني!» تغريدة ساخرة انتشرت على خلفية متابعة أحداث الصاروخ الصيني، تعكس أن «شر البلية ما يضحك في هذا الزمن من فساد إداري»، وبأن الحديث بغير التخصص بات أمرا «عاديا» وغير مستغرب.
وعلى نفس السياق، تحارب الحكومة الفساد عبر مؤسساتها وتركز بشكل رئيسي على محاربة الفساد المالي وملاحقة سراق المال العام والمتسببين في الهدر، بالمقابل الحكومة ذات نفسها شريكة في الفساد بشكل عام من خلال آلية اختيارها للمسؤولين في المراكز القيادية بالدولة، حيث إن الجميع يعلم أن الفساد الذي تعاني منه الدولة ليس فقط ماليا، بل أساسه الفساد الإداري الذي أصبح للأسف الشديد متفشيا بكل مؤسسات الدولة، حيث كان سبب نجاح الكويت وازدهارها على جميع الأصعدة منذ زمن الشيخ عبدالله السالم وعلى مدى عقود، هو وضع الرجل المناسب في المكان المناسب، وأنه فعلا كان «لكل مجتهد.. نصيب»، لكن الواقع اليوم للأسف الشديد أصبح «أن لكل مجتهد.. نسيبا»، ومعيار الكفاءة أصبح شيئا غير أساسي لشغر مناصب صناعة القرار في البلد.
فالقارئ العزيز لا يحتاج إلى طرح أمثلة من الواقع المعلوم لديه، ولكن الدرجة التي وصلنا إليها مخيفة جدا جدا، لدرجة أن إدارات حساسة في الدولة وقطاعات ومؤسسات وحتى في شركات مملوكة للدولة صار القرار فيها محصورا لفئة من الناس، والتعيين فيها محصورا بين أهل صاحب القرار فيها، ورغم أن أسماء عوائلهم مختلفة إلا أنك تجد عند البحث في الأمر أن تعيينات المسؤولين: بين خال وعم ونسيب وعديل وولد خاله «تحس إنهم يحطون القرارات ولوائح الوزارة في الزوارة»!
وأكاد أجزم أن العديد من قراء هذه المقالة قبل مراجعتهم لأغلب المؤسسات الحكومية لابد أن يسبقها إجراء اتصالات بحث عن واسطة لتسهيل المهمة.. ولو كانت معاملته بسيطة وروتينية! إن الفساد الإداري المبني على المحسوبيات ومجاملة المتواطئين وشراء الولاءات والمواقف.. لا يبني وطنا!، يجب على الحكومة التي تشهر سيفها في وجه الفساد المالي أن تبدأ بقطع رأس الفساد الإداري السبب الرئيسي للفساد في البلد والقاتل للطموح والمحبط للمبدعين والكفاءات التي لم تحظ بمبدأ تكافؤ الفرص، وغير الممكنة من المشاركة في خدمة وطنها والنهوض به وهي تشاهد بحسرة وألم وطنها يُخطف وتتداول مراكز القرار فيه على مبدأ المحسوبيات لا الكفاءة، وتتكرر نفس الأسماء التي فشلت في ملفات سابقة، أو عملت ما عليها ولكن تعطى الفرصة في مكان جديد.. وكأن الدولة ليست فيها كفاءات ولا تحتاج الى دماء جديدة!
[email protected]