الحدائق رئة المدن والمتنفس لها وهي بقعة طيبة مباركة، وتعطي للنفس الروح والمسرة، كما أنها مرتع للنواظر ومتنفس للخواطر، حدائق مزينة ومنقوشة في عرض الأرض بفن وإبداع متناسق كأنها عروس تجلت في حليها وزخارفها بأشجارها الناضرة الغنية بثمارها.
وفي القيظ وشدة الحر عندما تبلغ الشمس كبد السماء وتوقد الشمس نارها وتصهر الهاجرة الأبدان نستظل تحت الأشجار بفروعها وغصونها الوارفة الظلال نستتر من وهج الشمس وشدة حرارته وجمرته.
فالأشجار هي جنة عالية قطوفها دانية وطلحها منضود وظلها ممدود فهي نزهة النواظر والأبصار وهي كالجنة الفيحاء تشتاق لها الأرواح وخاصة في الفصل الجاف والحار في فصل الصيف، فهناك أشجار تنمو وتتكيف مع الأجواء الحارة وندرة المياه وتحملها للحرارة كأشجار النخيل فهي ملكة الرياض والبساتين نجني ثمارها فهي كالشهد وفي كل لون نحب، وكثير من الأشجار فيها البركة والنماء تأوي إليها الأنفس في الرمضاء:
تأوي إليها الروح من رمضائها *** فتصيب ظلا وتصادف ماء
فالأشجار الطيبة نعمها كثيرة والخير فيها لا ينقطع، وجمالها لا يبلى، فلنحافظ عليها ولنوليها كل عناية ورعاية واهتمام وخاصة إذا كانت من الأشجار الطيبة فنزرعها في كل جرداء قاحله ونمنع قطعها مادامت خضراء معطاء فأزرع ولا تقطع.
سلوها كيف عانقت الترابا *** فأولته وأولاها الشبابا.
سلوها كيف ظللت الروابي *** وكيف حنت ففيأت الشعابا.
وأهمية غرس الأشجار وقاية للتربة والحد من انجرافها وبإقامة الأحزمة الخضراء بغرس الأشجار تعتبر مصدات للرياح وزحف الرمال، وهناك أشجار طيبة ملائمة للأجواء الحارة الجافة وتتحمل ندرة المياه كأشجار الأثل والسدر والأكاسيا بوردها الوردي والأبيض ورائحتها الطيبة. وهناك أشجار خبيثة كشجرة الكاربس لأنها تتلف البنية التحتية بجذورها التي تمتد لمسافات طويلة تحت الأرض.
لذا يجب مكافحتها. والأشجار ذكرت في كثير من سور القرآن الكريم. (والنخل باسقات لها طلع نضيد) آية رقم 10 سورة ق.
(وأنبتنا عليه شجرة من يقطين) آية رقم 146 سورة الصافات. وآيات كثيرة جاءت بذكر نعمة إنبات النبات والشجر ليلفت انتباه الناس إلى أهمية هذه النعمة ونزرع النبات والأشجار لينفع عباد الله ورؤية الأشجار والخضرة كمظهر من مظاهر الحياة وغرس الأشجار ينفع الأجيال المقبلة ومن هنا قال آباؤنا: زرعوا فأكلنا ونزرع فيأكلون.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما من مسلم يغرس غرسا أو يزرع زرعا، فيأكل منه طير أو إنسان أو بهيمة إلا كان له به صدقة) والصدقة جارية يستمر أجرها ما دامت الشجرة موجودة، اغرس الأشجار الطيبة لأهميتها لصحة الإنسان بتنقية الهواء وتنظيفه وهي مصدر للأكسجين وامتصاصها لثاني أكسيد الكربون، اغرس الشجر الطيب ولا تقطع الأشجار الطيبة المباركة.
[email protected]