قراءة ما سيحدث في المستقبل أمر مهم وحيوي لمن يعيش «هم الأمة» و«قلق النهضة» و«ألم التراجع».
هناك قراءات للمستقبل العالمي تعتمد على «العامل السكاني» كمحدد رئيسي لما هو متوقع أن يحدث، وهو العامل «المحرك» للنفوذ السياسي بين الدول، وهذا العامل يستند كذلك الى مقومات التعليم الممتاز وجودة الخدمة الصحية والبنية التحتية الأساسية والتطور التكنولوجي وقطاع الإسكان، وهذه المقومات كلها تهدف إلى استخراج «طبقة وسطى حضارية حركية فاعلة» من العامل السكاني، لكي تكون «الطبقة الوسطى» هي الرافعة والقوة.
هناك عالم مستقبلي قادم، جزء منه سيعيش «شيخوخة عمرية» والجزء الآخر يتفجر فيه «الشباب»، وهذا سيخلق تأثيرا اقتصاديا سلبيا على مناطق معينة في العالم.
طبعا غير «العامل السكاني» هناك عوامل مستقبلية أخرى متوقعة وهي صعود العامل القومي العنصري، وزيادة دور المنظمات غير الحكومية وتأثير شركات التكنولوجيا العملاقة، والجماعات الدينية.
لذلك، في قراءات المستقبل هناك توقع كبير لحدوث «هجرة سكانية» ونقل بشري من المواقع الشبابية إلى مناطق الشيخوخة، حيث تعاني تلك المناطق من قلة الإنجاب أو ما يسمى «انعدام النمو السكاني» وعدم توافر الأيدي العاملة الكافية، لضمان بقاء التأثير الاقتصادي الإيجابي.
هذا ما يتعارض مع صعود العامل القومي، المتوقع حدوثه في مختلف أرجاء العالم الذي يمثل حالة عنصرية بحتة.
إذن، هذا هو «ديالكتيك صراعات قادمة» والتناقض الرئيسي المستقبلي، وهذا هو محور الصراع القادم والذي من المتوقع أن يؤدي إلى عالم متعدد الأقطاب، الذي قد يستمر في تعايش تنافسي، أو ينجر ويذهب إلى حروب صامتة تعتمد على صراع «الثورات الناعمة» والصراع التكنولوجي.