أصبح رئيس الوزراء الاسرائيلي المنتهية ولايته بنيامين نتنياهو خارج المشهد الحكومي، ما لم يتمكن من تحقيق المعجزة ويقنع الكنيست بعدم التصويت للائتلاف الحكومي الهش الذي اعلن زعيم المعارضة يائير لابيد تشكيله من الآن وحتى موعد التصويت.
وأخرج زعيم حزب الليكود اليميني الممسك بزمام الحكومة منذ 12 عاما، كل ما في جعبته من أسلحة لشد عصب اليمين المتطرف في محاولة أخيرة لتقويض التحالف المكون من تيارات متناقضة كليا، ودعا نواب اليمين إلى عرقلة تمرير الحكومة الجديدة عند التصويت عليها في الكنيست. ولجأ نتنياهو إلى تويتر لكيل الانتقادات لخليفته المحتمل زعيم حزب «يمينا» اليميني المتطرف نفتالي بينيت. وكتب قائلا: «يجب على جميع أعضاء الكنيست المنتخبين بأصوات اليمين معارضة هذه الحكومة اليسارية الخطيرة».
وشدد على المشاركة العربية التاريخية في الائتلاف، رغم انه كان هو نفسه يخطب ود النواب من عرب الـ48 للانضمام الى ائتلافه. وأضاف أن «بينيت باع النقب للقائمة العربية الموحدة»، في إشارة إلى هذا الحزب الذي سيصبح أول حزب عربي ينضم لائتلاف حكومي في إسرائيل وهو يمثل عرب فلسطينيي اسرائيل الذين يشكلون اقلية 20%.
في المقابل، يأمل زعيم المعارضة لابيد بالفوز بثقة البرلمان بعدما نجح في كسب رهانه بانتزاعه في اللحظة الأخيرة اتفاقا لتشكيل ائتلاف حكومي. وأعلن قبل نحو ساعة من انتهاء المهلة الدستورية منتصف ليل الاربعاء، الاتفاق على تشكيل تحالف من 61 نائبا، يتولى فيه اليميني المتطرف بينيت وهو وزير دفاع سابق ومليونير، منصب رئيس الوزراء أولا ولمدة عامين ثم يسلم المنصب إلى لابيد مقدم البرامج التلفزيونية ووزير مالية سابق.
ولن تعقد جلسة الكنيست للموافقة على الحكومة الجديد بأغلبية بسيطة من النواب سوى بعد نحو عشرة أيام على الأقل مما يتيح الفرصة لنتنياهو للتأثير على المشرعين.
و قالت وسائل الإعلام الاسرائيلية إن رئيس الكنيست ياريف ليفين الذي ينتمي إلى الليكود، قد يميل إلى تأخير تنظيم التصويت لبضعة أيام أخرى، على أمل أن تحدث في هذا الوقت انشقاقات في المعسكر المعارض.
ويضم التحالف أحزابا صغيرة ومتوسطة من مختلف التيارات السياسية بما في ذلك، ولأول مرة في تاريخ إسرائيل، حزب القائمة العربية الموحدة الذي يمثل الأقلية العربية التي تشكل 21% من السكان.
وفي تعليقه على تويتر ألقى نتنياهو الضوء على علاقة التحالف الجديد بمنصور عباس زعيم حزب القائمة العربية الموحدة ذي الخلفية الاسلامية.
ونشر نتنياهو تسجيلا مصورا قديما لبينيت يقول فيه إن عباس «زار إرهابيين قتلة في السجن» عام 1992.
ومما يعطي نتنياهو بعض الأمل أن الأحزاب المكونة للائتلاف شديدة التباين فاثنان منها يساريان واثنان وسطيان وثلاثة يمينية متطرفة وحزب عربي. والقاسم المشترك الوحيد الذي يجمعها هو الرغبة في الإطاحة بنتنياهو الذي يواجه محاكمة في اتهامات بالفساد ينفيها.
ويضم التحالف إلى جانب حزب «يش عتيد» أو «هناك مستقبل» بزعامة لابيد و«يمينا» بزعامة بينيت والقائمة الموحدة، كل من حزب أزرق أبيض الذي يمثل تيار يسار الوسط بزعامة وزير الدفاع بيني غانتس، وحزبي ميرتس والعمل اليساريين بالإضافة إلى حزب إسرائيل بيتنا بزعامة السياسي القومي المتطرف أفيغدور ليبرمان وحزب أمل جديد بزعامة جدعون ساعر وزير التعليم السابق الذي انفصل عن حزب ليكود.
وتوقع المحللون السياسيون على نطاق واسع أن يحاول نتنياهو قطف ما وصفها أحدهم بأنها «الثمرة الدانية» باستقطاب أعضاء من حزب يمينا يزعجهم العمل مع مشرعين عرب ويساريين.
فقد أقرت تمارا زاندبرج العضوة بحزب ميرتس بالصعوبات المتعلقة بتفعيل التحالف الذي انضم إليه حزبها.
وقالت لإذاعة الجيش الإسرائيلي أمس «الاختبار لهذا التحالف.. هو أداؤه اليمين ـ لن يحدث ذلك دون مشاحنات ومشاكل».
وقال مصدر مشارك في محادثات تشكيل الائتلاف إن الحكومة الجديدة المقترحة ستحاول الحفاظ على الوفاق بتجنب الأفكار الخلافية مثل ما إذا كان يتعين ضم أراضي الضفة الغربية التي يريدها الفلسطينيون لإقامة دولتهم المستقبلية أو التخلي عنها.
وقال بينيت إن إقامة دولة فلسطينية مستقلة سيكون بمنزلة انتحار لإسرائيل. وجعل من ضم أجزاء من الأراضي التي احتلتها إسرائيل في حرب عام 1967 عنصرا رئيسيا من برنامجه السياسي لكن محاولة العمل على ذلك وسط الائتلاف الجديد تبدو غير ممكنة سياسيا.
وأكد لابيد للرئيس الاسرائيلي أن «هذه الحكومة ستكون في خدمة جميع مواطني إسرائيل بمن فيهم الذين ليسوا أعضاء فيها، وستحترم الذين يعارضونها، وستبذل كل ما في وسعها لتوحيد مختلف مكونات المجتمع الإسرائيلي».
وأشاد غانتس وزير الدفاع والمنافس السابق لنتنياهو وهو في طريقه إلى واشنطن لمناقشة الملف الإيراني بالتحالف. وكتب «ليلة أمل كبير».
في المقابل، اعترض الحزب الشيوعي والجبهة الديموقراطية للسلام والمساواة على دعم حكومة برئاسة بينيت.
وقال الحزبان العربيان الاسرائيليان في بيان مشترك إن «دعم الحركة الإسلامية الجنوبية لحكومة لا تلتزم بوقف التطهير العرقي في القدس الشرقية المحتلة والانتهاكات والاستفزازات في المسجد الأقصى، بعد أن رفضها اليمين، يضفي الشرعية على سياسة التنكر لحقوق الشعب الفلسطيني».
وأكد الحزبان أن «إسقاط نتنياهو لا يشرعن دعم حكومة برئاسة بينيت» التي اعتبرا أنها «حكومة يمين بامتياز في تركيبتها وفي خطها السياسي لا تقدم تغييرا جوهريا حقيقيا عن حكومة نتنياهو».