بيروت - عمر حبنجر
مبادرة رئيس مجلس النواب نبيه بري، قائمة ولا تراجع عنها، ويفترض ان تكون الأيام القليلة المقبلة حاسمة، وان يخرج المعنيون من عصر التفاهة المنظمة، وإلا فإن فشل تلك المبادرة المدعومة من حزب الله والمباركة من البطريرك الماروني بشارة الراعي، سوف تحدث إحباطا عاما، وردات فعل سياسية ومالية ومعيشية وعلى مختلف الصعد والمستويات.
وعلى الرغم من التهدئة الإعلامية والسياسية المعلن عنها، فإن تبادل التحذيرات المباشرة أو من تحت الماء لم يتوقف، وبقي كل فريق يهول بالضغط على مواجع الآخر.
فالمجلس السياسي للتيار الحر، الذي هو رئيس التيار جبران باسيل، وباسيل هو، سلم كما يبدو بأنه لا بديل عن سعد الحريري لتشكيل الحكومة، ولذا استهل بيانه يوم السبت، بالإعراب عن القلق، ثم انتقل إلى التأكيد على أنه يبغي الحريري ولا أحد سواه، مع تحذيره من المثالثة في الحكومة المتمثلة بالثلاث ثمانيات ومن ثم إعلان القبول بهذه المثالثة استثنائيا ولمرة واحدة، شرط ان يسمي الرئيس ميشال عون الوزيرين المسيحيين الإضافيين ومن غير الحزبيين، وفق ما ذكرت قناة «او تي في» الناطقة بلسان التيار الحر، او كما اقترح النائب باسيل، إعداد سلة أسماء مهيأة، على ان يختار الرئيسان اسمين من الأسماء الواردة بالتفاهم.
وتقول مصادر التيار ان الحريري رفض هذا العرض، لكن مصادر المستقبل نفت تبلغها مثل هذا الاقتراح، وقد التزم الحريري بالتهدئة المعلنة، مبتعدا عن الحديث الحكومي، ومكتفيا باستنكار توقف المحكمة الدولية عن متابعة الملف اللبناني، بداعي نقص التمويل ودعا حكومة تصريف الأعمال الى التصرف وتغطية حصة لبنان من تمويل هذه المحكمة.
العنصر التحذيري في بيان المجلس السياسي للتيار الحر تمثل بالتوجه نحو تقصير ولاية مجلس النواب، التي بقي من عمرها سنة، في حال الإصرار على عدم تشكيل الحكومة، وتجنبا للانحلال الواسع في بنية مؤسسات الدولة، وسط امتناع حكومة تصريف الأعمال عن القيام بواجباتها.
ويدرك أهل التيار ان مثل هذا التوجه يستهدف رئيس مجلس النواب نبيه بري شخصيا، وهو ما أتى الرد عليه، من خلال إشارات عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وفيها انه في حال رفض العهد وجبران باسيل ورقة التشكيلة الحريرية الجديدة فسيكون خيارنا الشارع لإسقاط العهد.
وخرق النائب زياد أسود، عضو تكتل لبنان القوي جدار التهدئة الإعلامية وقال في مقابلة تلفزيونية عبر قناة الجديد ردا على سؤال: لو كنت جبران باسيل، لما تراجعت عن مصطلح «بلطجي» للرئيس بري، وانه كان على بري ووليد جنبلاط وسليمان فرنجية ان يروحوا مع السوريين عام 2005.
ورد النائب علي بزي عضو كتلة التنمية والتحرير التي يرأسها بري، على النائب اسود بقوله: حسب منصة علماء النفس للصحة العقلية توجد الكلمات البذيئة والهابطة في قشرة المخ، واسود يجسد هذا النموذج المرتبط ببنية دماغية تسمى القوى القاعدة.
ويقول المعاون السياسي للرئيس بري النائب علي حسن خليل انه إذا لم نتوصل إلى تشكيل حكومة فلا حدود للانهيار، وقد نكون أمام انهيار شامل.
وبمعزل عن هذه السجالات السطحية، فإن إيمانويل بون، مستشار الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ابلغ سياسيا لبنانيا كان في باريس مؤخرا ان فرنسا تتشاور مع واشنطن لإيجاد مخرج من المعضلة اللبنانية، خصوصا بعد ترنح المبادرة الفرنسية.
وذلك من خلال حكومة انتقالية تعمل على تمرير الانتخابات النيابية، وتكون برئاسة شخصية غير مرشحة للانتخابات والأمر عينه لسائر الأعضاء، على ان يتم من خلال هذه الانتخابات إنتاج طبعة سياسية جديدة، تصلح الأوضاع.
ويرى نائب رئيس المستقبل د.مصطفى علوش، ان ما يريده الرئيس عون من هذه الحكومة، هو إعادة صهره جبران باسيل الى الوزارة الجديدة، او عبر وزراء يسيطر عليهم كالعادة، وإلا فلتبق الحكومة المستقيلة، انه يراهن على الفراغ الرئاسي.
بيد ان البطريرك بشارة الراعي، أعرب عن خشيته من ان تكون المماطلة في تأليف الحكومة تستهدف تعطيل الانتخابات النيابية.
وقال الراعي في عظة الأحد من حريصا امس: «لن نسمح لهذا المخطط بأن يكتمل ولن نسمح بسقوط أمتنا العظيمة ولن نسمح بتغيير نظام لبنان الديموقراطي ولن نسمح بتزوير هويته ولن نسمح بتشويه حياة اللبنانيين الحضارية».
وأضاف متسائلا: هل وراء الأسباب الواهية لعدم تأليف الحكومة نية عدم إجراء انتخابات نيابية في مايو المقبل، ثم رئاسية في أكتوبر؟ وربما هناك نية لإسقاط لبنان بعد 100 سنة من تكوينه دولة مستقلة ظنا منهم أنهم أحرار في إعادة تأسيسه من جديد.