مازالت عبارتك الشهيرة في مقدمة باكورة إصداراتي «يا عزيزي.. كلنا سياسيون» تسجل في ذاكرتي رحلات عبور إلى عالم كبير واسع من مفردات المقالات وديبلوماسية الرأي والتمعن في طرح الحلول والتوصيات للخروج من عنق الزجاجة، كانت كلماتك في مقدمة كتابي آنف الذكر باكورة أعمالي.. وما أروع الشعور بالوليد البكر والفرحة فيه، لقد تركتك لتسميه كما شئت، فأبدعت وببلاغة الصحافي الفذ تشرفت بمشاركتك في المقدمة وبالرسوم الجميلة لغلاف دفتيه.
وهكذا بقي في القلب ذلك الود الكبير لزميل الصنعة في عالم الإعلام الكويتي، لننهل من عقلية رجل إعلامي كالفقيد عبد السلام مقبول، رحمة الله عليه.. نسأل الله أن يسكنه دار العلا في الجنان.
كان من الروعة بمكان أن يشمل بمقدمته تصنيفات مقالاتي المنشورة في جريدة «الأنباء» الكويتية، فيضع مانشيتا عريضا فضفاضا تنطوي بين دفتيه جميع عناوين الكتابات بين صفحاتي الوليدة.
هذا الرجل الكويتي يعد رائد الرسم الكاريكاتيري الصحافي في الكويت، وكما أن الكلمة أحدّ من السيف في لغة الأدب والكتب، وتحاكي العقل الواعي واللب الفصيح، كانت رسومات الراحل عبد السلام مقبول تحاكي العين والقلب والضمير الوطني، والقضايا العاجلة والجريئة «وفي اللمز غمز» وفي «الغمز لمز واللبيب من الإشارة يفهم».. هكذا قرأ طارق بورسلي.. رائد الحركة الفنية الكاريكاتيرية في الصحافة الكويتية ذلك الفن الذي كان أحد روافد الفن التشكيلي، ومن رحمه ولد إبداع قلم مقبول، وحتى لا نخرج عن إبداع الرواد في الإعلام والفن الكويتي أبدع الراحل في مواجهة تسطيح الغزو العراقي الغاشم على الكويت، فنضجت أعماله في تجسيد الإجرام والاحتلال والعنف والدمار الذي خلفه الجار الغاشم، لتحاكي رسوماته ضمير أبناء الشعب الكويتي تحثهم على التمسك بالشرعية والقيادة السياسية إلى الرمق الأخير.
وهكذا.. لم يرحل عبد السلام بل ظل فينا باقيا.. فمن رحم الفنون يولد الفنانون نساء ورجالا.. وما تقدمه اليوم الفنانة والمخرجة المتألقة «هيا عبد السلام» يؤكد ما تنطبق عليه معايير الاحترافية الفنية.
وكانت كريمته التي أنجبها من رحم الحاضنة الفنية الكلمة والريشة والمعنى امتدادا في عالم الفن.. وسيبقى عبد السلام مقبول حيا بيننا، سيرة وطنية عطرة تتناقلها الأجيال.
وبمزيد من الحزن والأسى.. أتقدم من ذوي الفقيد الصديق الراحل الصحافي الفنان عبد السلام مقبول بالتعازي والمواساة.. وأسأل المولى أن يلهمهم ويلهمنا الصبر والسلوان.. لرحيل رائد الصحافة الكاريكاتيرية في الكويت.. (إنا لله وإنا إليه راجعون).
[email protected]