من منطلق اهتمامها برصد الواقع الاقتصادي في الكويت، تصدر شركة «آراء للبحوث والاستشارات» مؤشرا شهريا لثقة المستهلك بالتعاون مع جريدة «الأنباء» وبرعاية شركة «لكزس»، حيث يعتبر مؤشر «ثقة المستهلك» المؤشر الوحيد الذي يقيس العوامل النفسية للمستهلك، مرتكزا على آراء الناس وتصوراتهم عن الوضع الاقتصادي الحالي والمستقبلي، وتوقعاتهم لأوضاعهم المالية.
ويرتكز المؤشر على بحث أجري على عينة مؤلفة من 500 شخص، موزعة على المواطنين والمقيمين العرب في مختلف المحافظات، حيث يتم إجراؤه بواسطة الهاتف من خلال اتصالات عشوائية، وتمت مراعاة أن تكون العينة مماثلة للتركيبة السكانية في الكويت.
وتستخلص نتائج كل مؤشر من المؤشرات الست بالاعتماد على إجابات أفراد العينة التي يحددها الاستبيان بـ «إيجابي» أو «سلبي» أو «حيادي»، ويتم تحديد نتائج المؤشرات في الشهر الأساس كمقياس للحالة النفسية للمستهلكين في الكويت، وهي تساوي 100 نقطة، وتكون هذه النقطة (الرقم 100) الحد الفاصل بين التفاؤل والتشاؤم لدى المستهلكين.
أصدرت شركة آراء للبحوث والاستشارات في الكويت مؤشرها لثقة المستهلك لشهر مايو 2021، بالتعاون مع جريدة «الأنباء» ورعاية «لكزس»، حيث تميزت معدلات المؤشر العام لشهر مايو بتعزيز كافة مكونات البحث للفئات الاجتماعية المتنوعة والمناطقية في مختلف المحافظات لمعدلاتها السابقة ولو بعضها اكتفى بنسب بسيطة، ولكنها جميعها تحمل مدلولا ايجابيا لارتفاع مستوى ثقة المستهلكين.
سجل المؤشر العام معدلا بلغ 99 نقطة، بإضافة 4 نقاط على أساس شهري، و3 نقاط مقارنة بشهر مايو 2020، وتجسد هذه المعطيات المناخ العام المتفائل في أوساط المستهلكين وبداية مرحلة جديدة في مواجهة الوباء وتقليص انتشاره وتداعياته واطلاق برامج متدرجة لتطوير الحركة الاقتصادية في معظم دول العالم بما فيها الكويت، ولم يأت الارتفاع في نسبة الثقة لدى المستهلكين من الفراغ بل هي وليدة جملة من العوامل، منها:
٭ الأجواء المؤاتية في عدة دول للتحفيز المادي واتخاذ كافة الإجراءات لرفع مستوى النمو الاقتصادي.
٭ ارتفاع النفط بالأشهر الماضية على قاعدة ارتفاع الطلب من جهة وتنظيم مستوى الإنتاج النفطي من قبل «أوپيك» من جهة اخرى.
٭ التوقعات تشير الى امكانية ارتفاع سعر برميل النفط خلال النصف الثاني من العام الحالي الذي قد يتجاوز 80 دولار للبرميل.
٭ تحسن أداء البورصة الكويتية حيث احتلت الصدارة في الخليج خلال شهر أبريل.
٭ توقعات متفائلة لواقع الاقتصاد الكويتي مع احتمال إحراز نموا يبلغ 3.7% في السنة الراهنة.
وضمن هذه الأجواء منح المواطنون المؤشر العام معدلا بلغ 99 نقطة بإضافة 4 نقاط، اما على صعيد المناطق، اجمعت المحافظات الستة على رفع مستوى الثقة بالمؤشر العام، بنسب متفاوتة تراوحت بين 16 نقطة ونقطة واحدة خلال شهر.
تباين القضايا الاقتصادية
سجل مؤشر الوضع الاقتصادي خلال شهر مايو معدلا بلغ 87 نقطة بإضافة 3 نقاط على رصيده السابق ومتخلفا 4 نقاط على أساس سنوي.
اللافت ان المرحلة الانتقالية التي تواجهها الكويت تتسم بالسعي للتغلب على الجائحة والحد من تداعياتها من جهة، والعمل على اطلاق مدروس للعجلة الاقتصادية دون التخلي عن اقرار والبدء بإنجاز بعض المشاريع الاستثمارية المهمة ذات البعد الاستراتيجي.
في هذا السياق برزت بعض التباينات بين مكونات البحث الاجتماعية منها، والمناطقية حول تقييم الوضع الاقتصادي الحالي، وان كان هذا التباين مفهوما نظرا لتفاوت النتائج المرحلية على مختلف القطاعات.
فعلى صعيد المناطق، كنموذج للتباين: أكدت العاصمة تفاؤلها بالوضع الاقتصادي الحالي بإضافة عشر نقاط خلال شهر، ومحافظة الأحمدي 8 نقاط ومحافظة الجهراء 3 نقاط، بينما من جهة مغايرة تراجعت معدلات الفروانية خمس نقاط واستقرت في محافظة حولي عند مستوى الشهر السابق.
وفي صفوف القوى العاملة ارتفع معدل ذوي المستوى الثانوي 25 نقطة وتراجع بين الفئة العاملة الحاملة شهادة الدبلوم بنسبة 11 نقطة.
إن التباين في مستوى الثقة بالأوضاع الاقتصادية مرتبط بجملة من العوامل الأخرى ومنها المهنة والقطاع الاقتصادي والمؤهلات الخاصة.
العاصمة متحفظة بشأن التوقعات الاقتصادية
سجل مؤشر الوضع الاقتصادي المتوقع مستقبلا معدلا بلغ 103 نقاط بإضافة نقطتين خلال شهر، ولم يزل متخلفا 11 نقطة على أساس سنوي، واللافت تحفظ العاصمة وفئات اخرى من مكونات البحث حول التوقعات الاقتصادية المستقبلية، فقد تراجع معدل العاصمة 16 نقطة، ومحافظة حولي 14 نقطة.
قد تكون أبرز عوامل التحفظ، عدم اليقين بمصير أسعار النفط المتعلقة بنجاح النمو الإنتاجي والتجاري العالمي من جهة، وحصر انتشار واضرار النفقات المتعلقة بانتشار الوباء وتداعياته المالية من جهة أخرى.
من أبرز العوامل الأخرى تحتل مسألة عجز الموازنات في الاكثرية الساحقة من البلدان محور الاهتمام والقلق نظرا لتصاعده المقلق في السنة الأخيرة، والتي تجاوز الحدود المقبولة في الولايات المتحدة ودول أوروبية ومختلف دول اخرى.
فضلا عن ذلك، فإن الدول المنتجة للنفط والغاز بما فيها الكويت، تتخوف من هبوط في أسعار النفط لأسباب طارئة كما حصل في العامين المنصرمين لذلك يبقى الحذر منطقيا في أوساط المستطلعين.
الوضع المالي للكويت.. صلب
ساد شبه استقرار خلال شهر مايو 2021 على مؤشري الدخل الفردي الحالي والمتوقع مستقبلا.
فقد سجل المؤشر الاول 85 نقطة باكتساب نقطة واحدة، بينما ارتفع معدل مؤشر توقعات الدخل المستقبلية الى 102 نقطة بإضافة نقطة واحدة، كذلك، على رصيده السابق.
يبدو ان الكويت استطاعت حماية مستوى الأجور والرواتب في مواجهة الوباء وتداعياته ونفقاته على مختلف الصعد المالية والاقتصادية والصحية والاجتماعية.
فقد أعلن وزير المالية عدم فرض ضرائب مباشرة على المواطنين، ولا قلق على الرواتب.
مؤكدا صلابة الوضع المالي في الكويت، وان الدولة بادرت في ترشيد الإنفاق وتنويع مصادر الدخل. علما ان الدينار الكويتي حافظ على قيمته فالتضخم النقدي لم يتجاوز 2.5% سنويا.
وبذلك بقيت قيمة المداخيل الفردية في مستواها السابق. ان العلاقة العضوية القائمة في الكويت بين الدخل القومي وخاصة النفطي، والحركة الاقتصادية من جهة والمداخيل الفردية، رواتب وأجور من جهة أخرى، ستؤمن استقرار القوة الشرائية للمداخيل ورفعها التدريجي في المستقبل ارتباطا بالمستجدات المالية والاقتصادية.
الأسواق تعود إلى عافيتها.. وتتجاوز التوقعات
أكدت المعطيات أن قيمة نفقات المواطنين والمقيمين في الكويت خلال الربع الأول من العام الحالي، بلغت 5.4 مليارات دينار، وتراجع ما نسبته 3.4% مقارنة بنتائج الربع الأول من العام 2020
هذا التراجع في حجم الاستهلاك يكشف جملة من العناصر التي أدت الى هذا الانكماش ونشير الى بعضها بالعناوين:
1- الاغلاق العام و/أو الجزئي للأسواق كتدبير احترازي للوباء.
2- نزوح نسبة من العمالة الوافدة.
3- انخفاض سعر النفط في تلك المرحلة.
4- التأثير السلبي النفسي نتيجة تفشي الجائحة والإغلاق.
ان مقارنة وقائع الربع الأول من السنة على الصعيد الاستهلاكي، بما يكشفه مؤشر شراء المنتجات المعمرة خلال شهر مايو 2021، يشير الى بداية انطلاقة في حركة الأسواق الاستهلاكية، حيث سجل المؤشر معدلا بلغ 108 نقاط رافعا مستواه 5 نقاط اضافية.