نائب رئيس جهاز المراقبين الماليين بالوكالة (سابقا)
baderalhammad.com
في سياق إجابة الهيئة العامة للاستثمار على أحد الأسئلة البرلمانية، والمتعلق بطلب التقارير السنوية التي يقدمها رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للاستثمار إلى مجلس الوزراء مع مشروع الهيئة عن أعمال الهيئة، وأوضاع الأموال المستثمرة استنادا لأحكام قانون إنشاء الهيئة، لوحظ تعذر الهيئة عن تقديم نسخ من تلك التقارير المالية.
وقد اعتبرت الهيئة في إجابتها أن استثمارات الصناديق السيادية من المسائل التي تتعاون السلطتان التشريعية والتنفيذية في إحاطة المعلومات عنها بسياج من السرية، حيث إن هذه المعلومات تطرح على مجلس الأمة سنويا في جلسة سرية، ودون توزيع أي بيان مكتوب عنها لأعضاء مجلس الأمة، بل تكتفي بتلاوة بيان الحالة المالية للدولة والذي يشتمل على كل المعلومات عن هذه الاستثمارات، وعن سياسة وقواعد وبرامج الاستثمار، وذلك عملا بالمادة 150 من الدستور على حد زعم الهيئة، علما أنه بالاطلاع على حكم المادة المشار إليها لم يتبين من قيام المشرع بالتطرق إلى سرية بيان الحالة المالية.
كما بررت الهيئة العامة للاستثمار بعدم نشر تقارير عن أعمالها وأوضاع الأموال المستثمرة على موقعها الإلكتروني إلى أن قانون إنشاء الهيئة يحظر ذلك، حيث ترى الهيئة أن القانون يحتوي على مواد تنظم نشر المعلومات، إذ تحظر المادة رقم (8) من القانون الإدلاء ببيانات أو معلومات عن أوضاع الأموال المستثمرة، كما تنص المادة رقم (9) من القانون على فرض عقوبات على كل من أفشى سرا من أسرار العمل بالهيئة العامة للاستثمار أو معلومات اطلع عليها بحكم عمله.
وبالاطلاع أيضا على النصوص القانونية التي أشارت لها الهيئة، يتبين أن تلك النصوص تنظم واجبات ومسؤوليات موظفي الهيئة ولا تنظم واجبات ومسؤوليات الهيئة، وتلك النصوص واردة بالأساس في قانون الخدمة المدنية والذي ينظم الوظيفة العامة بشكل عام.
ويستفاد من هذه الإجابة بأن ما تصرح به الهيئة من تبنيها بمبادئ الحوكمة والشفافية في رأيي لا يتسق مع ممارستها العملية، فمبادئ الشفافية يجب أن تتحقق بالمبادرة لا بالإلزام، وخير مثال على ذلك قيام ديوان المحاسبة بالمبادرة طواعية منذ عقد من الزمن بنشر تقاريره السنوية عبر موقعه الإلكتروني بعدما كانت تلك التقارير تصنف على أنها سرية، وبذلك يكون الديوان بهذه المبادرة أنهى موضوع سرية تقاريره السنوية، وهذه دلالة على مدى تقيد الديوان بمبادئ الشفافية والحوكمة في أعماله وبالأخص فيما يتعلق بتقاريره.
لذلك برأيي أن الهيئة العامة للاستثمار لا تتمتع بالحوكمة والشفافية الكاملة، وجاء رأيي هذا استنادا إلى ما أكده مؤشر لينابيرغ ـ مانويل للشفافية (Maduell- Linaburg Transparency Index)، ووفقا لآخر بيانات توافرت لدينا، يقع ترتيب الصندوق السيادي لدولة الكويت والذي يدار من قبل الهيئة بالمرتبة الخامسة ضمن أعلى 95 تصنيفا لأكبر صناديق الثروة السيادية حسب إجمالي الأصول، وقد سجل الصندوق الكويتي 6 نقاط من أصل 10 على مؤشر «لينابورغ ـ مادويل» للشفافية، وهذا تصنيف متدن نسبيا مقارنة مع دول أخرى سجلت 10 نقاط منها على سبيل المثال البحرين والإمارات والنرويج والولايات المتحدة.
وقد استحدث هذا المؤشر في عام 2008 من قبل معهد صناديق الثروة السيادية (SUFI)، والذي يهدف إلى تقييم شفافية صناديق الثروة السيادية، ويتم تصنيف صناديق الثروة السيادية وفقا لهذا المؤشر كل ثلاثة أشهر.
ويستند هذا المؤشر إلى عشرة مبادئ أساسية تصور شفافية صناديق الثروة السيادية للعامة، بحيث تضيف كل من المبادئ التالية نقطة واحدة من الشفافية إلى تصنيف المؤشر، ويوصي معهد صندوق الثروة السيادية بحد أدنى من التصنيف 8 من أجل المطالبة بالشفافية الكافية، ومبادئ تصنيف الصناديق السيادية العشرة هي:
1 ـ تاريخ ومبررات تأسيس الصندوق ومصادر الثروة وهيكلية الملكية الحكومية.
2 ـ وجود تقارير مالية سنوية مدققة.
3 ـ بيان نسبة المشاركة في أصول الصندوق والتوزيع الجغرافي لتلك الأصول.
4 ـ بيان إجمالي القيمة السوقية والعوائد ومكافآت المديرين.
5 ـ وجود الخطوط العريضة للمعايير الأخلاقية، والسياسات الاستثمارية، والجهات التي تشرف على تطبيق تلك المعايير.
6 ـ وجود استراتيجيات وأهداف واضحة.
7 ـ الكشف عن هويات الشركات الفرعية والتابعة ووسائل الاتصال بها.
8 ـ الإفصاح عن المديرين الخارجيين.
9 ـ وجود موقع خاص للصندوق على الإنترنت وتحت إدارته.
10 ـ وجود عناوين ومواقع المكاتب الرئيسية للصندوق ووسائل الاتصال به من هاتف وفاكس وخلافه.