يعتبر الاختلاف في الرأي من الأمور الطبيعية، والشائع في وقتنا الحالي افتقار المجالس لأسلوب أدب الحوار والذي سرعان ما يتحول لجدال.
فالحوار كما ذكره د.مصطفى الخفاجي: «بأنه ضرب من الأدب الرفيع وأسلوب من أساليبه، وبمعنى آخر المراجعة في الكلام لكن بطريقة مهذبة وألفاظ حسنة».
والغاية من الحوار الوصول إلى الحقيقة من خلال عرض الأفكار ووجهات النظر المتعددة، فالعقول «المتحجرة المتعصبة الفارغة» يصعب الحديث معها، باعتقادهم أنهم أصحاب الفكر الراقي الذي يمتاز «بالعمق والشمول» دون التطلع لأفكار الآخرين وإن كانت صوابا، فالنقاش معهم مضيعة للوقت واستنزاف للجهد، ويؤكد ذلك وليم ماكدو، بقوله: «من المستحيل هزيمة رجل جاهل في نقاش»، وذلك بأن الحوار صورة للعقل، وعندما يغيب المنطق يرتفع الصراخ، والعقل الفارغ معمل للشيطان، وتعرف الشجرة من ثمارها.
وعليه فإن للحوار أصولا متبعة، وللحديث قواعد ينبغي مراعاتها، والحوار الناجح الذي يحرر العقل المسلوب ويصل إلى شغاف القلوب، وعلى المشارك أن يكون على دراية تامة بأصول أدب الحوار، وقد شملها عبدالله ابن المقفع بقوله: «تعلم حسن الاستماع كما تتعلم حسن الكلام، ومن حسن الاستماع: إمهال المتكلم حتى ينقضي حديثه، وقلة التلفت إلى الجواب، والإقبال بالوجه والنظر إلى المتكلم، والوعي لما يقول».
فالحوار الصحي الإيجابي يبنى به المجتمعات، ويعزز من تلاحمها الوطني، ويشد من نسيجها الاجتماعي، فيحقق لنا الاستقرار والمصالح العامة، ويحصن المجتمع من الأفكار المتطرفة الهدامة.
ونختم «زاويتنا» بقول سلفادور دالي الكاتب والرسام الإسباني: «لا تجادل أحمقا، فقد يخطئ المشاهدون التمييز بينكما».. ودمتم ودام الوطن.
* واجب عزاء:
أتقدم بأحر التعازي والمواساة إلى الأخ والزميل، رئيس الأركان العامة للجيش السابق الفريق أول ركن م.محمد خالد الخضر، وإلى أسرة الوهيب الكرام بواجب العزاء، سائلين المولى عز وجل أن يتغمد فقيدتهم بواسع رحمته، ويسكنها فسيح جناته.