شهد المجتمع الكويتي عدة جرائم قتل في وضح النهار وفي أماكن عامة غريبة عليه، أولاها حادثة مقتل المواطنة فرح، رحمة الله عليها، والأخيرة حادثة رجل الأمن الشهيد عبدالعزيز، رحمه الله، وأمام المارة من دون أن يتحرك أحد لإنقاذه أو حتى من قام بالتصوير للأسف، وكأننا فقدنا قيم الشهامة والمروءة، حتى تقع مثل هذه الحوادث وغيرها من حوادث الاعتداء والتصادم المتعمد بين السيارات.
الغريب أن الأصوات ترتفع بإلقاء اللوم على وزير الداخلية الشيخ ثامر العلي وتحمله المسؤولية تجاه تلك الحوادث وبصورة تحمله المسؤولية السياسية تجاه ما يحدث من جرائم وحوادث. وفي هذا السياق، فإن المسؤولية ليست مسؤولية وزارة الداخلية التي تعمل جاهدة على بسط الأمن في الدولة، ولكن بالنظر إلى طبيعة الجرائم نجد أن المسؤولية هي مسؤولية مجتمعية تتحمل تبعاتها السلطة التشريعية المفترض فيها سن القوانين الرادعة وتعديل القانون الجنائي بتغليظ العقوبات والسرعة في البت بالقضايا الجنائية كما تقع المسؤولية على نواة المجتمع (الأسرة) فهي المنبت الأول للتربية وغرس القيم الأخلاقية والدينية، وكذلك مسؤولية الإعلام الرسمي والشعبي في التركيز على التوعية ومؤسسات المجتمع المدني كافة، لأن الأمن المجتمعي ليس مسؤولية وزارة الداخلية فقط بل مسؤولية مجتمعية.
كما أن لوزارة التربية دورا مهما في غرس التنشئة الصالحة لدى الطلبة ومتابعة سلوكياتهم من بداية المرحلة التعليمية أولا بأول وضرورة الاهتمام بدور الاخصائي الاجتماعي في المدارس، فهو الخط الأول للوقوف على أي انحراف سلوكي لأي طالب لتقويمه.
كما أن لوزارة الأوقاف دورا مهما بغرس القيم الدينية. من هنا فإن وزير الداخلية الشيخ ثامر العلي لا يتحمل المسؤولية عن أي جريمة تقع، حيث لا يعقل أن يتم وضع شرطي لكل مواطن ووافد، لكن الأمر يتطلب إصدار توجيهاته بتقييم الوضع وما حدث وأيضا من حوادث الاعتداء على رجال الأمن السابقة تتطلب التركيز والاهتمام بتدريبات الدفاع عن النفس المختلفة وان تكون إجبارية لكل المتقدمين للأكاديمية حتى وإن استدعى الأمر إحضار مدربين متخصصين من الصين وكوريا الجنوبية، وكذلك بعدم نزول السائق من السيارة، وأن يضع يده على مقود السيارة كما هو حاصل في العديد من الدول، لكن عندما يتحمل المجتمع بكل فئاته مسؤوليته تكون النتيجة تكامل الدور الأمني الذي يشهد له اكتشاف وتعقب المجرمين بسرعة فائقة وتقديمهم للعدالة، مع غرس القيم الفاضلة لدى أبناء المجتمع، وهذا لا يتأتى إلا بالقضاء علي الواسطة والمحاسبة الفورية.
وعندما أشير إلى ذلك فلست مدافعا عن وزارة الداخلية ممثلة بوزيرها، بل لكي نبعد الخلاف والتجاذب السياسي عن جرائم تحدث في أي مجتمع وتكون العبرة لتقييم أداء الجهاز الأمني بسرعة إلقاء القبض علي المجرم، وهذا ما تفعله وزارة الداخلية.
إن التقييم العادل للأحداث ووزنها السليم هو السبيل للوصول إلى أنجع السبل لحماية المجتمع من هذه السلوكيات فإن كان للأسف الوازع الديني لا يردع من فعل ذلك فإن حزم القانون هو الرادع إذا تم تطبيقه والتشدد بمواده، فهل نعي ذلك؟ هذا ما نأمله.
[email protected]