حبست أنفاس كل من على أرض الكويت بسبب المشهد المريع والمرعب المتمثل في جريمة قتل في وضح النهار في الطريق العام راح ضحيتها رجل أمن مخلص، لقي حتفه كشهيد للواجب.
الجريمة البشعة التي وقعت بين منطقتي المهبولة وأبوحليفة التي ارتكبها قاتل أمه بعدة طعنات وألحقها بطعنات أخرى أودت بحياة رجل الأمن عبدالعزيز الرشيدي، لم تهز وتصدم المجتمع الكويتي فحسب، بل هزت ثقة الغالبية بالمنظومة الأمنية ككل.
كيف لرجل أمن أن يُقتل بطعنات بسكين من دون أن يستطيع مقاومة قاتله؟ وكيف لرجل أمن أن يُقتل في وضح النهار؟ كيف لرجل أمن أن يتعامل مع مجرم دون ووجود سلاح معه؟ وكيف لرجل أمن لا يمتلك مهارات الدفاع الشخصي عن نفسه ومقاومة المستهترين والمعتدين؟ وكيف اكتفى المارة بالمشاهدة لمشهد الذبح دون تدخل لمساندة المغدور؟ وكيف تمكن من قام بالتصوير من إكمال ما يفعله بدم بارد؟ وكيف نشروا المقطع دون مراعاة لأهل وذوي الفقيد؟!
الكثير من الأسئلة إجابتها واحدة، وهي أن هناك عدم ثقة في المؤسسة الأمنية، التي تفتقد الخبرة الإدارية والميدانية، والتي تسيّر بعضهم أمورها بالواسطة!
إن مشاهد الاعتداء على رجال الأمن ليست جديدة، بل شاهدناها مرارا وتكرارا دون رادع.
لابد أن تكون هناك آثار ارتدادية لتلك الجريمة التي كشفت مدى سطحية وهشاشة الإجراءات الأمنية وضعف وزارة الداخلية.
لقد سقطت هيبة رجال الأمن وتمردغت صورتهم بسبب القرارات الارتجالية التي اتخذتها قيادات غير كفؤة، وصل أغلبهم إلى مناصبهم بسبب الواسطة والنفوذ.
بصدق وحيادية، لا أحمّل وزير الداخلية الحالي مسؤولية الأخطاء الحالية كونها أخطاء تراكمية بطبيعتها.
ولكن وزير الداخلية الحالي يتحمل مسؤولية إصلاح أخطاء من سبقوه من وزراء وبأسرع وقت، وبقرارات حاسمة ومباشرة، وإلا سيكون مشاركا في التقصير.
إعادة هيبة رجال الأمن أمر حتمي وفي غاية الأهمية، من خلال إعادة تسليح رجال الأمن وتدريبهم على مهارات الدفاع عن النفس والتعامل مع الخارجين على القانون، ورفع مستوى اللياقة للبدنية لديهم، ووجود رجلي أمن مع بعض طوال الوقت.
فمن قتل الشهيد عبدالعزيز الرشيدي فعلا ليس هو ذلك المجرم الذي قضى نحبه متأثرا بجراحه، بل إن من قتله هو سوء الظروف والإمكانات والإدارة الركيكة على مدى سنوات.
بقاء المنظومة الأمنية الحالية وقياداتها التي أثبتت فشلها، هو الجريمة الحقيقية بحق الكويت وأهلها.
هل يجب أن نذكر أن المنظومة الأمنية من أساسيات استقرار المجتمع، ولا يجوز أن تدار بعقلية ارتجالية ومزاجية وليست احترافية كما هو مفترض أن يكون.
كما لا يجوز أن يدار الأمن من قيادات اتخذت مناصبها، ونمت وترعرعت في بيئة شابتها شبهات الفاسد، كما كان الحال في بعض العهود البائدة في وزارة الداخلية.
وما جريمة الضيافة وغيرها، مما ظهر على السطح من فضائح، إلا نماذج لذلك الفساد، الذي كشف بعضه ولم يكشف كله في وزارة يفترض أن تكون هي المحارب الأول!
تعازينا القلبية لأسرة شهيد الواجب عبدالعزيز الرشيدي وذويه، وأسأل الله أن يتقبله برحمته ويلهم ذويه الصبر والسلوان.
[email protected]