نشر الاتحاد الأوروبي سلسلة من التوضيحات فند فيها ما وصفه بمعلومات «مضللة» بثها مسؤولون في النظام السوري في محاولة منه لكسب الرأي العام وحشد الناخبين خلال الانتخابات الرئاسية السورية، التي عقدت في مايو الماضي.
وقال الاتحاد في تقرير نشر عبر موقع «بعثة الاتحاد الأوروبي إلى سورية» ومقرها بروكسل، إن الكثير من ممثلي النظام صرحوا بمعلومات مضللة في إطار الانتخابات الرئاسية الأخيرة، بغية «طمس عواقب أفعالهم، وتحميل العالم الخارجي مسؤولية معاناة الشعب السوري وسوء إدارة البلاد».
وتعرض التقرير لعدد من النقاط، ووضعتها في صيغتين متقابلتين.. «تضليل» ينشره النظام، و«حقيقة» تثبتها الوقائع.
وتطرق إلى تصريح للمستشارة السياسية والإعلامية للرئيس، بثينة شعبان، قالت فيه إن عقوبات الاتحاد الأوروبي هي «عقاب جماعي للشعب السوري»، فرض بهدف «دفع اللاجئين إلى عدم العودة إلى سورية»، بحسب ما نقلت الوكالة السورية الرسمية للأنباء (سانا) في 7 مايو الماضي.
ولفت إلى اتهامات وتصريحات أوردتها وكالة الأنباء «سانا»، أن الغرب يدعم منظمات إرهابية في سورية ويتلاعب بهيئات دولية كـ «منظمة حظر الأسلحة الكيميائية»، «لتمرير قرار غير شرعي، لتوجيه الاتهام باستخدام الأسلحة الكيميائية».
وكانت آخر تلك الادعاءات، بحسب التقرير، عندما ادعى النظام السوري أن دولا من الاتحاد الأوروبي تهيئ الأرضية للتطبيع معه.
واعتبر التقرير أنه بعد مضي 10 أعوام على الحرب، مازال النظام يحاول تشويه الحقائق، الأمر الذي سهلته منصات التواصل الاجتماعي».
وتناول تقرير الاتحاد الأوروبي خطاب النظام الذي يروج إلى ان سورية «بلد أمن»، داعيا اللاجئين إلى العودة إلى سورية، إذ قال إن «أكثر من 5 ملايين سوري اضطروا إلى اللجوء إلى بلدان أخرى هربا من فظائع الحرب».
واعتبرت بروكسل أن حق العودة هو حق فردي لكل اللاجئين السوريين، إلا أن منظمات حقوقية وثقت اعتقال النظام لأشخاص في أنحاء البلاد على نحو تعسفي وإخفائهم وإساءة معاملتهم، بما في ذلك لاجئون عادوا إلى مناطق استعادها النظام.
وقالت منظمة «هيومن رايتس ووتش» في تقرير لها، إن النظام قمع «بوحشية» كل إشارة على عودة ظهور المعارضة، مستخدما الاعتقالات التعسفية والتعذيب، كما واصل أيضا «وبشكل غير قانوني»، مصادرة الممتلكات وتقييد عودة السوريين إلى مناطقهم الأصلية.
واعتبر الاتحاد أن سورية لاتزال بلدا غير آمن «وتمييزيا» بالنسبة إلى غالبية مواطنيه، ولاتزال القوانين والإصلاحات السياسية اللازمة من أجل ضمان حق المواطنين في العيش بأمان «غائبة».
وقال التقرير إن «المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين» تراجع وبشكل دوري، الشروط الضرورية لتنظيم العودة الآمنة للاجئين، وينبغي تسهيل وصول المفوضية السامية وغيرها من المنظمات الإنسانية إلى جميع الأراضي السورية من أجل رصد وتقييم الوضع فيها.
وأشار إلى أن عقوبات الاتحاد الأوروبي ضد النظام السوري، سارية ولم تتغير في الغالب منذ عام 2011، وجاءت كرد فعل على «القمع الوحشي للسكان المدنيين»، إذ جرى تجديدها مؤخرا حتى يونيو من عام 2022 المقبل.
وكان مجلس الاتحاد الأوروبي، مدد الإجراءات التقييدية، في ظل استمرار قمع السكان المدنيين في البلاد، بحسب بيان صدر عن المجلس في 27 من مايو الماضي.
وبين المجلس أن عقوباته تشمل كذلك «الحظر على استيراد النفط وتقييد بعض الاستثمارات وتجميد أصول البنك المركزي في الاتحاد الأوروبي، وتقييد تصدير المعدات والتكنولوجيا التي قد يتم استخدامها لعمليات القمع الداخلي أو لمراقبة واعتراض الاتصالات عبر الإنترنت أو الهاتف».
وأكد الاتحاد في تقريره الأخير أن العقوبات صممت لتتفادى عرقلة المساعدات الإنسانية، إذ لا يخضع تصدير الغذاء والأدوية والتجهيزات الطبية، كأجهزة التنفس الاصطناعية، لعقوبات الاتحاد الأوروبي.
كما لا تشمل العقوبات القطاع الإنساني والتجاري في سورية، حيث كانت سلع الاتحاد الأوروبي تتدفق بحرية حتى عام 2019، ليتراجع نشاط هذه القطاعات بعد ذلك بسبب انهيار القطاع المصرفي اللبناني، الذي كان البوابة التجارية والمالية الرئيسية لسورية إلى العالم، ولكن السلع الاستهلاكية والأدوية الأوروبية وما إلى ذلك لا تخضع للعقوبات ولم تتوقف عن الدخول إلى البلاد.
وبعد الحديث عن عمليات تطبيع يجري الإعداد لها بين دول من الاتحاد الأوروبي والنظام، وكان أولها قبرص، ذكر التقرير الصادر عن الاتحاد أن التطبيع مع النظام السوري «غير وارد، حتى يجري تحقيق انتقال سياسي للسلطة وفق قرارات الأمم المتحدة، ويشمل ذلك وقف حملات القمع والإفراج عن عشرات الآلاف من المعتقلين السياسيين من السجون».
واعتبر التقرير أن أي تغيير على تمثيل الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي في دمشق لم يطرأ، عقب انتخابات مايو الماضي، وأن إعادة فتح السفارات في دمشق من قبل بعض الدول الأعضاء ليست بالأمر الجديد.
لدول الأعضاء الحق السيادي في تقرير تمثيلها الديبلوماسي في الخارج، بحسب التقرير، ولذلك فإن أي حضور للاتحاد الأوروبي أو لديبلوماسيين من الدول الأعضاء في دمشق لا يعني تطبيع العلاقات.