يصادف 15 تموز/ يوليو 2021 الذكرى الخامسة لمحاولة الانقلاب في تركيا، لقد كانت واحدة من أهم نقاط التحول في تاريخ تركيا المعاصر، قبل 5 سنوات نحّى ملايين المواطنين الأتراك خلافاتهم السياسية والثقافية والعرقية جانبا لتشكيل جبهة موحدة ضد المتآمرين الذين حاولوا تعليق الدستور في بلادنا، وأطلقوا النار على المدنيين الأبرياء وقصفوا البرلمان.
لقد رفض الشعب التركي مجتمعا السماح لجماعة مسلحة أن تنهب الديموقراطية والحرية وطريقتهم المعيشية.
كان 15 يوليو محاولة لغزو بلادنا دون أدنى شك، إن استخدام الإرهابيين داخل جيشنا لهذه الغاية أضاف طابع الخيانة الشريرة على محاولة الغزو تلك.
كانت منظمة غولن الإرهابية (FETÖ) التي يقودها فتح الله غولن (مواطن تركي مقيم في الولايات المتحدة) هي المدبر الرئيسي وراء الانقلاب الفاشل، إن أعضاء منظمة غولن الإرهابية، الذين ارتدوا زي الحركة المدنية على مدى عقود، تسللوا بشكل منهجي إلى المؤسسات العامة في تركيا مترقين في الرتب، وفي ليلة 15 يوليو، قتل الانقلابيون 251 شخصا وجرحوا أكثر من 2500.
وفي هذا اليوم الاستثنائي نعيش فرحة النصر المجيد لوطننا ومشاعر الحزن على إخواننا وأخواتنا الذين فقدناهم خلال محاولة الانقلاب.
أولئك الذين وجهوا أسلحتهم ضد المدنيين الأبرياء في 15 تموز/ يوليو، اصطدموا بجدار بُنيت حجارته على مدى عقد من التقدم في السياسة والاقتصاد والرعاية الصحية والعدالة والسياسة الخارجية والحقوق الأساسية.
هذا الارتباط بين الشعب وحكومته هو المقياس النهائي لمرونة ديموقراطيتنا، وأقوى ضمان لبقائها.
كانت ليلة الخامس عشر من تموز/ يوليو من أكثر الليالي ظلاما في التاريخ التركي، لكن الظلام انجلى ليبرز أنصع فجر في تاريخها، واسمحوا لي أن أشرح ذلك بإيجاز.
ففي تلك الليلة، قوبلت محاولة الانقلاب الغادرة بموقف مشرف لأمتنا الحبيبة وقواتنا الأمنية البطلة، وببسالتهم التي قل نظيرها في العالم، أعلنا مرة أخرى أننا لن نتخلى عن استقلالنا.
إن انتصار الديموقراطية هذا على عصابة الخيانة (FETÖ) وأنصارها هو نتيجة الإيمان الراسخ بقلوب أمتنا والنضال الذي تخوضه بأيديها العارية، لقد شكل إحباط الانقلاب نقطة تحول في تاريخ الديموقراطية، وسيكون مصدر أمل وإلهام لجميع الشعوب التي تعيش في ظل الديكتاتورية.
أما الدولة التركية فقد استأصلت - من خلال وضع يدها بيد الشعب - هؤلاء الخونة الذين انتشروا في جسدها مثل الخلايا السرطانية، وتمت العملية برمتها من خلال الالتزام الصارم بمبادئ سيادة القانون والديموقراطية وحقوق الإنسان والعدالة، لقد ولى نظام الوصاية الذي ارتبط بالبلاد، ومن أجل تأمين الاستقرار السياسي تم تغيير النظام الإداري إلى نظام رئاسي، كما تم توطيد السلطة السياسية المدنية لاحقا.
لقد تغيرت عقلية مؤسسات الدولة التركية، وخاصة في المجال الأمني، وتم «توطين» هذه المؤسسات حقا حيث زادت قدرتهم وإمكاناتهم على العمل لصالح الشعب.
لقد بدأت تركيا في مواجهة التحديات والتهديدات التي تستهدف استقلالها السياسي ووحدة أراضيها بنجاح أكبر متخذة مبادرات فعالة في سياستها الخارجية.
قللت تركيا من تبعيتها فيما يتعلق بالسياسة الخارجية وعززت توجهاتها في السياسة الخارجية التي تركز على أنقرة.
في الختام، كانت محاولة الانقلاب في 15 تموز/ يوليو بمنزلة حافة الهاوية لمستقبل تركيا، وبسبب الإجراءات التي اتخذت في أعقاب هذه الأحداث، عززت تركيا استقرارها السياسي ومكانتها الإقليمية.
15 تموز/ يوليو، «يوم الديموقراطية والوحدة الوطنية»، هو رمز لإبقاء ذاكرتنا الجماعية حية، وتعزيز ديموقراطيتنا، وإحياء ذكرى شهدائنا والمحاربين ضد محاولة الانقلاب.
أعتقد أن «روح 15 يوليو» لن تهرم أبدا، وستخطو تركيا بقدم ثابتة في مسيرتها تماشيا مع أهدافها لعام 2023 ورؤى 2053 و2071.
بقلم: عائشة هلال سايان كويتاك - سفيرة الجمهورية التركية لدى الكويت