صفات الشعوب أو صفات البشر تتمايز عادة بين التطور والتقهقر والتدافع والتراجع، وتختلف زمانيا ومكانيا وبيئيا وثقافيا بحسب ما يقدر لها من معطيات ومقومات.
والشعوب تختلف بطبيعتها إلى شعوب ثائرة وخائرة وحائرة وشعوب أخرى آملة وعاملة وخاملة وهي بلا شك إما شعوب مستهلكة أو منتجة.
والفلسفة الكونية أساسا قامت على الاختلاف والتباين، فعندما خلق الله البشر جعلهم شعوبا وخص كل شعب بصفات محدودة ومعدودة، بحيث يندر التماثل بينهم، او حتى بين فردين من نفس المجموعة البشرية.
المقصد أن يكون تنوعا في التفكير والرغبات والقدرات، ينشئ تنافسا مشروعا لتحقيق إنجازات ترفع من شأن السابقين وتفيد اللاحقين ويتعزز به التكامل.
وأراد الله كذلك أن يكون الجنس البشري مختلفا عن بعضه ففرض على عقولهم وميولهم واهتماماتهم أن تختلف وتتوزع حول الكثير من المواضيع، كما أن الكم المعرفي والعقائدي والأخلاقي لدى الشعوب يشير إلى الحكمة التي خصها الله لكل شعب. بصفات خاصة به.
***
وهناك دراسات تؤكد على مصطلح «الشخصية الإثتية» الخاضع للأنظمة الرمزية مثل الميثولوجيا وأيضا هناك دراسات أخرى ترفض ذلك المصطلح.
ونحن بإمكاننا التأكيد على أن الثوابت حرفيا لا يمكن تطبيقها على السلوك الإنساني، إنما يمكن الاتفاق على أن بعض التصرفات، مثل الأخلاق والعادات والتقاليد،، تعتبر صفات عامة، رغم تغيرها بتغير الظروف السياسية، والاجتماعية.
ودائما الشعوب والمجموعات البشرية التي تنتمي لنفس العرق أو المنطقة الجغرافية تتصف بصفات شخصية وسيكلوجية واحدة.
***
والصفات العامه للشعوب متأثره بالدول دائما، فكلما كانت الدولة عادلة، وكان هناك نظام اجتماعي وسياسي واقتصادي عادل، كان الشعب أكثر أخلاقا وتسامحا، والعكس صحيح، فالشعوب المقهورة تسوء أخلاقها، لأن قهر الشعوب لا ينتج التحضر والرقي والتقدم، إنما ينتج سوء الأخلاق الذي يؤدي إلى فناء المجتمعات، وهذه الفكرة دقيقة جدا حيث إن الأخلاق مصدر رئيسي لأي تشريع، وهي من أسباب تقدم أي مجتمع ومن ثم بقائه.. كما قال ابن خلدون.
وتحدث ابن خلدون أيضا عن علاقة الإنسان ببيئته وأثر المناخ في طبائع الشعوب، وذكر أن للبيئة الطبيعية الأثر الأول في تكوين الصفات النفسية للشعوب، وإكسابها طبائعها وخصائصها، فالأمم تختلف في ألوانها ونشاطاتها وشجاعتها وكثرة عددها أو قلته وما فطرت عليه من الطبائع باختلاف مساكنها.
وكذلك شرح تأثير الأقاليم الجغرافية في حياة الإنسان حيث قسم العالم إلى سبعة أقاليم مناخية وكل له تأثيره.
ولم يكن ابن خلدون الوحيد الذي بحث تأثير المناخ والتضاريس في شخصية الإنسان والتكوين البدني له، فقد سبقه أرسطو بتناوله الفرق بين سكان أوروبا وآسيا.
فسكان أوروبا كما وصفهم يتميزون بالشجاعة التي كانت أساس حريتهم، لكنهم في الوقت نفسه يفتقرون إلى المهارة بالإدارة والتنظيم وبالتالي يفتقدون لإمكانية السيطرة والإمساك بزمام الأمور، بينما سكان آسيا لديهم الفكر والمهارة الفنية لكنهم يفتقرون إلى الجرأة مما جعلهم محكومين بغيرهم..
وقد اعتبر قومه الإغريق أمة وسطا بين آسيا وأوروبا مما جعلهم يجمعون بين مميزات المجموعتين.
***
ختاما: قال الرسول صلى الله عليه وسلم: «تقوم الساعة والروم أكثر الناس ذلك لأن فيهم خصالا أربعا، إنهم لأحلم الناس عند فتنة، وأسرعهم إفاقة بعد مصيبة، وأوشكهم كرة بعد فرة، وخيرهم لمسكين ويتيم وضعيف وخامسة حسنة جميلة.. أمنعهم من ظلم الملوك».
[email protected]
hammad_alnomsy@