رفعت إنجلترا القيود الصحية المرتبطة بكوفيد-19 بشكل شبه كامل أمس، في يوم أطلقت عليه تسمية «يوم الحرية» لتكون أول دولة تقوم بهذه الخطوة المحفوفة بالمخاطر نظرا لعودة الارتفاع في عداد الإصابات بفيروس كورونا، لاسيما النسخة المتحورة «دلتا». وأكد رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون أمس، رفع كل القيود المتبقية تقريبا في إنجلترا، مكتفيا بدعوة مواطنيه إلى توخي «الحذر».
وبذلك، تجاهل جونسون الذي اضطر شخصيا لالتزام الحجر بسبب مخالطته وزير الصحة ساجد جاويد المصاب بكوفيد-19، دعوات مجموعة من العلماء الدوليين المؤثرين، الحكومة البريطانية إلى التراجع عن قرارها الذي «يهدد بتقويض جهود السيطرة على الوباء، ليس في المملكة المتحدة فحسب، لكن في بلدان أخرى أيضا».
بيد ان جونسون يراهن على قدرته على إعطاء أحد أكبر اقتصادات أوروبا دفعة قوية بسبب حصول الكثير من الناس على اللقاحات، ما يشكل فصلا جديدا في التصدي العالمي للجائحة، فإذا ثبتت فاعلية اللقاحات في تقليل الأعراض الخطرة والوفيات، حتى وإن ارتفع عدد الإصابات، فقد يقدم قرار جونسون سبيلا للخروج من أسوأ أزمة صحية عالمية منذ عقود. لكن إن لم تفلح فهذا يعني أن الإغلاقات العامة قد تعود مجددا. وتعليقا قال جونسون: «إذا لم نفعل ذلك الآن فعلينا أن نسأل أنفسنا متى سنفعل؟ هذا هو التوقيت الصحيح لكن علينا أن ننفذ ذلك بحذر. علينا أن نتذكر أن هذا الفيروس لايزال موجودا». وقد أعلن المتحدث باسم رئيس الوزراء أمس، إن نتائج الاختبارات التي أجريت له جاءت سلبية ولا تظهر عليه أي أعراض.
غير ان يوم الحرية شابته الفوضى مع إرسال تطبيق تابع لخدمة الصحة الوطنية أوامر لمئات الآلاف من الناس بالعزل الذاتي، مما أدى إلى تحذيرات من أن أرفف المتاجر قد تخلو سريعا من السلع، في أول يوم بعد رفع قيود العزل العام.
ومنذ الساعات الأولى لـ «يوم الحرية»، ارتاد آلاف الأشخاص المطاعم والنوادي الليلية في لندن وفي أنحاء أخرى من إنجلترا، في رغبة منهم للاستمتاع بالحفلات من دون أي قيود.
فتحت قاعات الحفلات والملاعب بكامل طاقتها، ورفعت القيود على عدد الأشخاص المسموح لهم بالتجمع. كذلك، ألغيت إلزامية وضع كمامة في وسائل النقل المشترك والمتاجر. ومع ذلك، قرر رئيس بلدية لندن صادق خان أن يستمر العمل بموجب هذا التدبير في وسائل النقل العام في المدينة.
وفي أوروبا حيث تواجه العديد من البلدان ارتفاعا جديدا في عدد الإصابات رغم حملات التلقيح، يتزايد الغضب بإزاء القيود الصحية التي فرضتها السلطات لوقف انتشار المتحورة دلتا.
وتتوقع الوكالة الأوروبية المكلفة بالأمراض ارتفاعا كبيرا في عدد الإصابات بكوفيد في الأسابيع المقبلة، يصل إلى نحو 5 أضعاف بحلول الأول من أغسطس. لكن الوكالة توقعت ألا يرتفع عدد حالات الاستشفاء والوفيات بالسرعة نفسها بفضل حملات التلقيح.
ففي قبرص حيث من المقرر أن يدخل «تصريح الأمان» حيز التنفيذ اليوم، احتج نحو 5 آلاف شخص أمام القصر الرئاسي، وهاجم بعضهم مقر محطة تلفزيونية تتهم باتخاذ موقف متشدد ضد مناهضي حملات التلقيح، وسبق أن استهدفت في احتجاجات ضد تدابير احتواء الجائحة.
على الجانب الآخر من الكوكب، تواجه إندونيسيا ارتفاعا كبيرا في عدد الإصابات وقد سجلت أمس 1338 وفاة.
وفي فيتنام، فرض إغلاق على عشرات الملايين من السكان منذ أمس بسبب تفش غير مسبوق للوباء. وتواجه تايلند أسوأ موجة من كوفيد-19 منذ بداية الوباء، مع اكتظاظ المستشفيات في ظل حملة تطعيم بطيئة للغاية.
وأعلنت إيران أمس فرض إجراءات إغلاق واسعة في طهران ومحيطها تشمل إقفال الدوائر الحكومية والمصارف لقرابة أسبوع، مع ارتفاع عدد الإصابات اليومية إلى مستويات شبه قياسية.
وتتزامن هذه الإجراءات مع عطلة عيد الأضحى.
وتأتي بعد تحذير الرئيس حسن روحاني من «موجة خامسة» للتفشي الوبائي، تعود بشكل أساسي لمتحورة دلتا شديد العدوى.
وأعلنت الهيئة الوطنية لمكافحة كوفيد-19 أن الإجراءات المشددة تشمل إقفال الدوائر الحكومية والمصارف في محافظتي طهران وألبرز المتجاورتين، اعتبارا من أمس وحى صباح الإثنين المقبل.
وسيمنع الدخول والخروج من المحافظتين باستخدام وسائل النقل الخاصة، بحسب الهيئة التي أعادت التذكير بضرورة إقفال المؤسسات التجارية غير الأساسية في المناطق المصنفة عند المستوى الأحمر، وهو الأعلى على مقياس التصنيف الوبائي المعتمد محليا.
وتشهد كوبا حاليا أعلى معدل إصابات بكوفيد-19 مقارنة بعدد السكان في أميركا اللاتينية مما شكل ضغوطا هائلة على قطاع الصحة وساهم في تأجيج احتجاجات اجتاحت الجزيرة.
وأعلنت ما يقرب من 4 آلاف حالة مؤكدة لكل مليون شخص فيها على مدى الأسبوع الماضي وهو 9 أمثال المتوسط العالمي وأكثر من أي دولة أخرى في الأميركتين في حجمها.
والطريقة التي تتعامل بها كوبا مع الجائحة كانت من الأسباب التي دفعت الآلاف للنزول للشوارع في أنحاء البلاد الأحد الماضي في مظاهرات نادرة مناهضة للحكومة في بلد تخضع فيه الأماكن العامة لسيطرة صارمة. كما احتج المتظاهرون على نقص الغذاء والدواء والقيود على الحريات المدنية.