كان 2020 عاما لا مثيل له على جميع المستويات، دخلت صناديق الثروة السيادية أزمة الجائحة وهي في وضع دفاعي وبحوزتها مستويات عالية من السيولة، ونتيجة لذلك كانت مستعدة لدعم اقتصاداتها الوطنية، لكن لم تكن جميعها قادرة على اقتناص الفرص السانحة في الأسواق الدولية في ظل انهماك معظمها في الجهود المحلية لمكافحة تفشي الڤيروس والاضطرابات الناتجة عنه في كل الأسواق.
وقد تضاعفت تقريبا الاستثمارات المباشرة لصناديق الثروة السيادية حول العالم بحسب ما تم الكشف عنه رسميا على مدار العام لتصل إلى 65.9 مليار دولار، مقابل 35.9 مليار دولار في عام 2019 وفقا للمنتدى الدولي للصناديق السيادية.
قفزة في الأسهم
على الرغم من تضاعف استثمارات الصناديق بنسبة تقارب الـ 90% بين 2019 و2020 إلا أنها كانت مركزة في الأسهم، حيث استغلت العديد من الصناديق انخفاض الأسعار والتقييمات في فترة الجائحة مما جعل بعض هذه الشركات مغرية لمن لديه سيولة وكاش بأرقام هائلة لاسيما صناديق الثروة السيادية.
ولأول مرة منذ 2015، وبحسب البيانات الرسمية، تصل استثمارات الصناديق السيادية في الأسهم مستويات 50 مليار دولار عام 2020، مقابل 22.2 مليار دولار في العام السابق له و37.3 مليار دولار قبل 6 أعوام.
الصناديق تستدير للداخل
بالنظر في عمق أرقام الاستثمارات التي قامت بضخها الصناديق السيادية حول العالم، نجد توجها أو نمطا جديدا قد بدأ يتشكل مؤخرا بدافع من الجائحة وهو نمط الاستدارة للداخل والتركيز على السوق المحلية والاحتياجات الوطنية.
الكثير من الصناديق السيادية حول العالم وجدت نفسها ملزمة بتحمل مسؤوليتها الوطنية تجاه بلدانها وشعوبها في ظل جائحة تسببت في مشاكل صحية واقتصادية مزدوجة ضربت جانبي العرض والطلب وتسببت في انهيار القدرات الطبية وكذلك ركود اقتصادي غير مسبوق حول العالم.
واستلزم ذلك من الصناديق استخدام قدراتها لتخفيف الخسائر والمساعدة في التعافي من الأزمة، لذا حدث تغير ملحوظ في توزيع الاستثمارات السيادية بين التوجهات الداخلية والخارجية في 2020، فقفزت الاستثمارات المحلية أو الداخلية من 11.4% إلي 19.2% من إجمالي استثمارات الصناديق حول العالم في 2020.
وخلال الجائحة لم تكن السياسة النقدية وحدها هي التي تمثل استجابة كافية لمعالجة آثار الأزمة، وكان على الحكومات في الاقتصادات المتقدمة والناشئة على حد سواء، أن تطبق سياسات مالية توسعية بالتزامن مع نظيرتها النقدية.
والدول المحظوظة هي التي تملك صندوق ثروة سياديا نظرا لما لديها من حيز مالي وسيولة كافية يتم توجيهها لزيادة الإنفاق والاستجابة لحالة الاستنفار والطوارئ الصحية/ الاقتصادية على حد سواء، وتقديم الدعم اللازم للقطاع الصحي والحكومة والأسواق والقطاع الخاص.