مسلم بن عقيل، عين من عيون الأشراف من قريش من بني هاشم، وكان عاقلا عالما شجاعا، ولقد اختاره عمه أمير المؤمنين (عليه السلام) في حرب صفين، ووضعه على ميمنة العسكر مع الحسن والحسين (عليهما السلام) نظرا لما كانت تتميز به شخصيته من الشجاعة والشهامة والفداء والبطولة.
إن شخصية مسلم بن عقيل ذات تميز واضح في ميزان علم الإدارة، فإنها شخصية بطلة وغيورة ومتفانية ومؤمنة ومحبة لله ورسوله (صلى الله عليه وآله وسلم) ولأهل البيت (عليهم السلام) هي شخصية ذات مبادرة ثابتة فهو الناطق الرسمي بدعوة وحركة الإمام الحسين (عليه السلام) والممثل الحقيقي له والداعي إلى طاعته، وهو قائد ميداني إستراتيجي قادر على تنظيم المجتمع ومخاطبته ولذلك كان قائدا عندما كان معه أنصاره واستمر كذلك، إذ لم يزل قائدا ناجحا حتى عندما بقي وحده ليس معه أحد فكان لا يزال قائدا ولو كان بلا اتباع.
إن الشخصية الفريدة لمسلم بن عقيل (عليه السلام) لها أهمية اجتماعية وتاريخية ودينية وعقائدية لتمتعه بصفات فريدة من نوعها واتصافه بالعديد من الفضائل الأخلاقية الإنسانية التي جعلت منه سفيرا ممثلا عن الإمام الحسين (عليه السلام).
إن شخصية مسلم بن عقيل تنفرد عن شخصيات بقية أنصار الإمام الحسين (عليه السلام) لأنه أول الطليعة في معركة الحق ضد الباطل المتوحش لذلك صار المجاهد السباق، وأول من أدرك الفتح في النهضة المباركة، لقد كان شخصية واعية جدا بإستراتيجيات المجتمع الإسلامي آنذاك ومخلصة لرسالتها ومطيعة لقائدها الإمام الحسين (عليه السلام) ولما كان يتمتع به من الذكاء الوجداني، فلقد كشف مسلم بن عقيل حقيقة الخلل القيمي لدى البعض وميز الخبيث من الطيب تمهيدا لهذه المرحلة الحساسة في حياة المسلمين في ذاك الزمن الصعب.
الإنسان يعيش التحدي الأكبر في كل لحظة وهو مدى نجاحه في بناء إنسانيته وروحه ليعطي لحياته معنى، ولكي يعيشها بشغف التعرف على ذاته المتعالية بعيدا عن النفاق والزيف اليومي الذي أفسد طعم كل شيء جميل ومسيرة السعي وراء العدالة مسيرة شاقة وذات مخاطر والصمود فيها يحتاج ريادة ورائدا متميزا وهكذا كان مسلم بن عقيل.