عبدالملك بن عمر بــن عبدالعزيز، كان قائدا مع أبيه وعمره 16 عاما. روى الـــدورقي ان عمر قال لابنه عبدالملك يوما: والله ما رأيت فتى ماشيا قط أنسك منك نسكا، ولا أفقه فقها، ولا أقرا منك، لأجل هذا قال ابن رجب الحنبلي: عسى الله ان يجعل من سماع اخباره لأحد من جنسه أسوة ونأخذه حمية على نفسه ونخوة، وهذا التابعي عبدالملك مع حداثة سنه توبيخ لمن جاوز سنه وهو بطال والزهد في الشيخوخة محتمل، لكنه في الشباب نادر، وعلى هذا الدرب كان عبدالملك، فالزاهد هو من ملك فترك وكان مجتهدا في العبادة، ومن السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل الا ظله، شاب نشأ في طاعة الله، وكان دائما يأتي بالقول الفصل في القضايا الصعبة، وبشجاعة يعجز عنها الافذاذ، فموقف الوزارة من ابيه عمر جعله دائما ينظر الى صلاح الآخرة، وهذه هي المهمة الحقيقية النصيحة الشجاعة وليس تبرير تصرفات خاطئة.
وذات يـــوم امر عمر غلامه بأمر لم يفلح فيه، فغضب منه عمر، فقال عبدالملك: يا أبتاه، ما هذا الغضب؟ فقال عمر: انـك لتتحلم يا عبدالملك، فقال عبدالملك: لا والله ما هو التحلم، ولكن الحلم، فقال له عمر: لولا انك ابني لقلت انك افقه الناس، الحمد لله الذي جعل لي وزيرا من اهلي عبدالملك ابني، وقبل وفاته قال عمر لابنه: ما كنت احب ان اراه منك الا قد رأيته الا شيئا واحدا، قال: ما هو؟ قال: موتك، اي ابتلي بفقده فيكون في ميزان حسناته، قال: اراكه الله، فأصابه الطاعون في خلافة ابيه فمات قبل اخيه وعمره تسعة عشر عاما.