أطلق الرئيس التونسي قيس سعيد معركة ضد الفساد، فيما جددت الهيئات منظمات المجتمع المدني دعوتها له لإعلان خارطة طريق المرحلة التي تلت تجميده عمل البرلمان وإقالته الحكومة.
وفتح القضاء التونسي أمس تحقيقا مع الرئيس الأسبق للهيئة الوطنية لمكافحة الفساد شوقي الطبيب و3 نواب في البرلمان على خلفية قضايا مختلفة.
وقال المتحدث باسم محكمة الاستئناف بالعاصمة تونس الحبيب الطرخاني، في تصريح لـ «الأناضول»، إن المحكمة فتحت تحقيقا ضد شوقي الطبيب، على خلفية شبهة «تدليس». وأضاف أن «الشبهة تخص محتوى تقرير الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، متعلقة بتضارب مصالح رئيس الحكومة الأسبق إلياس الفخفاخ، في صفقة حكومية مبرمة مع الوكالة الوطنية للتصرف بالنفايات (حكومية)».
وأوضح الطرخاني أن «التحقيق مع الطبيب سيشمل أيضا شكاية تقدم بها مرصد الشفافية والحوكمة الرشيدة (دستورية)، وموضوعها عديد الاختلالات المالية والإدارية للهيئة زمن رئاسته».
وأفاد بأنه تم فتح تحقيق بخصوص شكاية تقدمت بها نقابة الأمن الجمهوري وموظفي مصلحة الأبحاث في مطار تونس قرطاج، ضد النائب عن «ائتلاف الكرامة» سيف الدين مخلوف بخصوص «حادثة المطار»، كما تم أيضا فتح تحقيق ضد كل من رئيس لجنة التحكيم والمصالحة بهيئة الحقيقة والكرامة (دستورية) خالد الكريشي، وهو نائب عن «حركة الشعب»، ومبروك كورشيد النائب الحالي (مستقل) ووزير سابق.
وأقال الرئيس التونسي قيس سعيّد 25 مسؤولا حكوميا حتى مساء أول من أمس ضمن «التدابير الاستثنائية» التي بدأها في 25 الجاري بإقالة رئيس الحكومة وتوليه هو رئاسة السلطة التنفيذية وتجميد البرلمان لمدة 30 يوما، بحسب إحصاء لـ «الأناضول».
يأتي ذلك بعد يوم من اعلان القضاء فتح تحقيقات مع ثلاثة أحزاب بينهما حزبي النهضة بزعامة رئيس البرلمان راشد الغنوشي و«قلب تونس» وهما يمتلكان أكبر كتلتين نيابيتين، أول من أمس، ومطالبة الرئيس سعيّد من 460 رجل أعمال استرجاع أموال منهوبة من الدولة خلال حكم الرئيس الأسبق الراحل زين العابدين بن علي قبل العام 2011.
ونشرت الصفحة الرسمية لرئاسة الجمهورية مقطع فيديو يحمل فيه سعيّد على الذين «نهبوا المال العام»، مشيرا إلى تقرير وضعته «لجنة تقصي الفساد» الحكومية التي أنشئت بعد الثورة.
وقال «هذه الأموال الموثقة بالأسماء، وكان عددها 460، والمبلغ الذي كان مطلوبا منهم 13500 مليار دينار (حوالي 4 مليارات يورو)».
ودعا إلى استئناف إنتاج الفوسفات الذي تراجعت مداخيله بعد أن كانت تمول موازنة الدولة بالعملة الصعبة منذ 2011، وذلك بسبب الاضطرابات الاجتماعية وضعف الاستثمارات. وأشار سعيّد إلى «نواب في البرلمان يتمتعون بالحصانة» وتحوم حولهم شبهات فساد في ملف توقف إنتاج الفوسفات.
من جهتها، أعربت أحزاب ومنظمات وشخصيات تونسية أمس، عن «تفهمها» للتدابير الاستثنائية التي اتخذها الرئيس، لكنها جددت مطالبته بطرح «خريطة طريق» للخروج من الأزمة المتفاقمة في البلاد.
في هذا السياق دعا حزب «التيار الديموقراطي» في بيان الرئيس التونسي إلى «تقديم خريطة طريق تضمن العودة إلى الوضعية الدستورية الاعتيادية وتتضمن التدابير التي سيتم اتخاذها في إطار العمل على تنقية المشهد السياسي واختيار رئيس حكومة ذي كفاءة ونزاهة يشكل حكومة قادرة على مواجهة تحديات المرحلة». وحمل الحزب «المسؤولية الكاملة فيما آلت إليه الأوضاع من تدهور للمنظومة وعلى رأسها (حركة النهضة) الرافضة لأي محاولات للإصلاح الحاملة لحسابات ضيقة والمعطلة لمحاربة الفساد والمتواطئة معه طيلة فترة حكمها».
من جهته، قال حزب «تحيا تونس» الذي يترأسه رئيس الحكومة السابق يوسف الشاهد، ان «عجز المنظومة السياسية أصبح واقعا ملموسا حتمته الصراعات السياسية والنظام السياسي والانتخابي».
من جانبه، أعلن الاتحاد العام التونسي للشغل، وهو اكبر التنظيمات النقابية، في بيان، انه سيقدم «خريطة طريق تتضمن عديد التصورات المتعلقة بالجانب السياسي والاقتصادي إلى الرئاسة التونسية للاستئناس بها خلال المرحلة المقبلة». وأقر الاتحاد بـ «سلامة الإجراءات التي اتخذها الرئيس.. لكن لن نبقى مكتوفي الأيدي لأن تونس في حاجة إلى وقفة حقيقية ويجب أن نمد يدنا لإنقاذ تونس وسنعمل على دعم رئاسة الجمهورية للقيام بالإصلاحات».