قال تقرير الشال الأسبوعي إن هدف أنظمة التأمين الاجتماعي هو ضمان التوازن ما بين التدفقات النقدية الداخلة وتلك الخارجة على كل من المدى القصير والمتوسط والطويل، لذلك حساباتها بالغة التعقيد لأنها تعمل لصالح من تقاعد، ولعدد أكبر بكثير يدفعون الآن وفي المستقبل مستحقات المتقاعدين، شريطة ضمان استقرار مستحقاتهم حال تقاعدهم. لذلك هو نظام لا يقدم منح وعطايا لأي جيل على حساب آخر، وما يضمن تحقيق ذلك، هو ضمان توازن التدفقات لما يسمى بتوازن الحسابات الاكتوارية، والكل يعرف أن التدفقات النقدية تتحقق من مصدرين، الأول مساهمات أو أقساط العاملين من غير المتقاعدين، والثاني دخل استثمار صناديق التقاعد. ونقدر في الشال عجز الحسابات الاكتوارية للمؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية حاليا بنحو 20 مليار دينار، وهو الحد الأدنى المحتمل بعد أن كان بحدود 17 مليار دينار قبل أكثر من أربع سنوات، ذلك يعادل نحو 10% من حجم احتياطي الأجيال القادمة في أخر تقدير لحجمه.
ونقدر أيضا أن استثمارات المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية للسنة المالية 2020/2021 قد حققت أرباحا بنحو 6.5 مليارات دينار، وهي أرباح استثنائية وغير متكررة، وتظل إنجازا، وذلك يعني أن تلك الأرباح خفضت العجز الاكتواري بحدود الثلث، ويظل رصيد العجز المتبقي في أحسن الأحوال بحدود 13.5 مليار دينار، ومازالت المالية العامة ملزمة بتعويضه.
ولو جمعنا العجز المقدر للموازنة العامة وفق تقديرات وزير المالية والبالغ نحو 55 مليار دينار بحلول نهاية مارس 2025، مع عجز التأمينات الاكتواري والذي يفترض أن يتزايد، سوف تبلغ التزامات المالية العامة نحو 70 مليار دينار، أو نحو ثلث الحجم الحالي لاحتياطي الأجيال القادمة. وإذا تحققت دعوات توزيع جانب من الأرباح الاستثنائية للتأمينات، فالموزع منها سوف يرتفع بأرقام العجز المالي والإكتواري بنفس القدر، وتزداد مخاطر عجز المالية العامة التي توظف حاليا 80% من العمالة المواطنة وتدعم ما عداهم، وهي ملزمة بخلق فرص عمل لنحو 20 ألف مواطن قادم إلى سوق العمل كل عام، ذلك إضافة إلى أن صناديق التأمينات سوف تعجز في المستقبل عن ضمان تمويل استحقاقات المتقاعدين القادمين. وما يجب أن نتعامل معه هو مفهوم الدولة الباقية بعد حياة الإنسان، وما يجب أن نتعامل معه هو الشعور بمسؤولية كبرى تجاه صغار المواطنين الذين لا يشاركون سلطة اتخاذ القرار، ما عدا ذلك، تظل الدولة هي الخاسرة، وكل أجيالها دون استثناء خاسرون، وعليه نعتقد بضرورة تغيير عقلية التوزيع والاستحواذ، إلى عقلية البناء.