- المشاركون يتعهدون بتقديم 370 مليون دولار.. وماكرون يعلن اتخاذ تدابير صارمة ضد الشخصيات المنخرطة بالفساد والتعطيل: المساعدات لن تكون شيكاً على بياض للنظام السياسي
- دعوات للإسراع بتشكيل الحكومة ووضع مشاريع وخطط التنمية المستدامة.. و السيسي: لبنان يملك الإمكانات التي تؤهله الخروج من هذه الأزمة والتقدم نحو الأمام
- عون يؤكد الحاجة لكل مساعدة دولية ويأمل بتشكيل حكومة «قادرة على تنفيذ الإصلاحات» ويجدد التزامه بتحقيق العدالة ومحاسبة المتورطين في انفجار المرفأ
عواصم - مريم بندق -داود رمال - خديجة حمودة
ترأس سمو رئيس مجلس الوزراء الشيخ صباح الخالد وفد الكويت المشارك في المؤتمر الدولي الثالث لدعم شعب لبنان والذي عقد عبر تقنية الاتصال المرئي بدعوة مشتركة من رئيس الجمهورية الفرنسية الصديقة إيمانويل ماكرون وأمين عام الأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس.
شارك في الاتصال المرئي وزير الخارجية ووزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء الشيخ د.أحمد ناصر المحمد ومساعد وزير الخارجية لشؤون الوطن العربي السفير فهد العوضي.
وألقى سموه كلمة الكويت في هذه المناسبة وفيما يلي نصها:
إن اجتماعنا ما هو إلا تأكيد على أن للبنان وشعبه أولوية بالغة لدينا مما يتطلب منا جميعا وقفة جادة لدعم هذا البلد الذي يمر بمنعطف سياسي وأمني واقتصادي فريد من نوعه، إن دولة الكويت كانت ومازالت تدعم كل الجهود الرامية لاستقرار وازدهار لبنان من خلال تشجيع الحوارات المشتركة بين مختلف الأطراف اللبنانية باعتبارها أفضل السبل للوصول لحلول توافقية تضمن حقوق الجميع في ظل سيادة القانون وصولا لتشكيل حكومة فاعلة ذات مهمة واضحة تستحضر روح المبادرة الوطنية بأخذها بالتوازنات الداخلية الدقيقة كمطلب دستوري وقانوني رئيسي أو المبادرات الدولية لارتباطاتها وثيقة الصلة بالشق التمويلي اللازم لاحتواء سريع لتداعيات الأزمة الاقتصادية الراهنة بتشعباتها غير مأمونة الجوانب المعيشية والاجتماعية والأمنية والسياسية.
ذكرى انفجار المرفأ
ونجتمع في الذكرى الأولى لانفجار مرفأ بيروت تلك الحادثة التي آلمتنا جميعا وظلت مشاهدها المؤلمة حاضرة في الذاكرة ومازال لبنان الأرض والشعب يعاني تبعاتها نجتمع لنؤكد وقوفنا مع لبنان وعزمنا على تمكينه من النهوض مجددا ومساعدته وقد سارعت الكويت لدعم الأشقاء لمواجهة آثار ذلك الانفجار عبر الإعلان عن إعادة تخصيص مبالغ سابقة بقيمة ثلاثين مليون دولار لإعادة إعمار صوامع الغلال التي أتلفها التفجير إضافة إلى تسيير جسر جوي لنقل مساعداتنا الإغاثية الغذائية والدوائية والمعيشية عبر ثماني عشرة رحلة جوية وبوزن إجمالي بلغ ثمانمائة وثلاثين طنا.
لقد ساهمت الكويت في تنمية لبنان منذ عقود مضت عبر مشاريع نفذها الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية منذ عام 1966 حتى الآن شملت قطاعات الصحة والتعليم والمواصلات والمياه والصرف الصحي وغيرها كما قدمت منحا لتمويل دراسات الجدوى لمشاريع إنمائية مختلفة إضافة إلى جهود دولة الكويت في مجال إعادة الإعمار ولم ننس واجبنا تجاه لبنان ودعم جهوده في استضافة الأشقاء اللاجئين السوريين، فقد خصصت دولة الكويت جزءا من مساعداتها للدول المستضيفة للاجئين السوريين إلى لبنان كما تسعى الكويت إلى استكمال البرنامج الإقراضي الذي سبق للكويت الالتزام به خلال مؤتمر الأرز الذي عقد في باريس لدعم القطاعات التنموية التي أشار إليها مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية OCHA كما ساهمت دولة الكويت في تعزيز المنظومة الصحية للبنان لتمكينه من مواجهة وباء كورونا عبر منظمة الصحة العالمية.
إننا أمام مفترق طرق في لبنان ولابد من التكاتف والتآزر لدعمه بما يحقق أمنه واستقراره وطموح شعبه الشقيق وذلك لن يتحقق ما لم يوحد الأشقاء صفوفهم ويدركوا خطورة المرحلة وحتمية العمل الجماعي فلن يتمكن المجتمع الدولي من تقديم المساعدات أو دعم برامج تنموية ولن تتحقق الفائدة المرجوة منها دون ذلك التكاتف والتآزر والنأي بوطنهم عن الفرقة والشقاق.
رعاية مشتركة
وكان المؤتمر افتتح بكلمة للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أكد فيها ان انعقاد هذا المؤتمر هو لاتخاذ خطوات عملية لمساعدة اللبنانيين، مشيرا إلى ان فرنسا ستخصص في الأشهر المقبلة مبلغ 100 مليون يورو كدعم مباشر للشعب اللبناني، في قطاعات التعليم والتربية والمساعدات الغذائية والصحية، إضافة إلى تقديمها 500 ألف لقاح ضد فيروس كورونا خلال الشهر الجاري، كما لفت إلى ان بلاده ستساهم في إعادة إعمار مرفأ بيروت، خصوصا المساعدة الطارئة التي ستقدم للحفاظ على نشاطاته.
وأكد أن المؤتمر الذي ترعاه الأمم المتحدة أيضا هو مؤتمر إنساني لدعم الشعب وغير مشروط، لكن «لن نعطي شيكا على بياض للنظام السياسي اللبناني لأنه منذ بداية الأزمة وقبلها حتى كان معتلا».
وتوجه ماكرون إلى عون بالتأكيد على التقدير الذي يكنه له، لكنه اعتبر ان الأزمة التي يعيشها لبنان هي ثمرة فشل فردي وجماعي وأفعال غير مبررة، ونتيجة أخطاء حصلت ضد المصلحة العامة، مشددا على ان كل الطبقة السياسية ساهمت في تفاقم الأزمة عندما وضعت مصالحها الشخصية فوق مصالح الشعب، ودعاه إلى تشكيل حكومة وإيجاد التسوية اللازمة، وتطبيق الورقة التي تم التوصل إليها قبل عام من الآن، وأضاف ان الأولوية الملحة الآن هي لتشكيل حكومة بإمكانها اتخاذ تدابير استثنائية في خدمة الشعب اللبناني.
ولفت إلى اتخاذ «تدابير صارمة ضد الشخصيات المنخرطة بالفساد والتعطيل السياسي في لبنان، ووضعنا مع شركائنا الأوروبيين نظاما خاصا بالعقوبات من أجل لبنان، ولا يجب على المسؤولين فيه ان يشكوا بتصميمنا على تطبيق هذه العقوبات».
المساعدات لن تكفي
ثم تحدثت نائبة الأمين العام للأمم المتحدة أمينة محمد، فلفتت باسم الأمين العام أنطونيو غوتيريش إلى ان لبنان يعيش إحدى أفظع الأزمات على الصعد الاقتصادية والتربوية والبنى التحتية وغيرها، ودعت الرئيس المكلف نجيب ميقاتي لتأليف حكومة بشكل سريع، لأن اللبنانيين يستحقون قيام مؤسسات قوية بإمكانها إنقاذ البلد، وشددت على ان هذا المؤتمر يشكل فرصة فريدة لتقديم المزيد من المساعدة العاجلة للبنانيين لتفادي وقوع كارثة إنسانية، داعية لوضع خطة طارئة للاستجابة للحاجات الضرورية للأكثر عوزا، وحذرت ان هذه المساعدة لن تكفي ما لم توضع مشاريع وخطط التنمية المستدامة، والاستمرارية في المستقبل، وقيام نظام خدمة حماية اجتماعية.
بدوره، الرئيس اللبناني العماد ميشال عون أكد أن لبنان يمر اليوم بأصعب أوقاته، ولم يعد بإمكانه انتظار الحلول الإقليمية ولا الكبرى، وهو بحاجة إلى كل مساعدة ومساندة من المجتمع الدولي، إلى كل مساعدة إنسانية واجتماعية وصحية، أو مساعدات تساهم في استمرار الخدمات الأساسية التي يحتاجها المواطنون وبشكل خاص في قطاع الصحة وفي صيانة البنى التحتية للمياه والكهرباء، فضلا عن مساعدات تساهم في تأمين احتياجات الجيش والقوى الأمنية.
وأمل بتشكيل حكومة «قادرة على تنفيذ الإصلاحات المطلوبة، والتحضير للانتخابات النيابية المقبلة، بالتوازي مع بناء الثقة مع شركائنا الدوليين والتواصل مع صندوق النقد الدولي».
وكرر عون التزامه بتحقيق العدالة وبمحاسبة كل من يثبت التحقيق تورطه في انفجار مرفأ بيروت.
وألقى الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي كلمة بلاده، وقال ان الأزمة الاقتصادية في لبنان تتفاقم بفعل الفراغ السياسي الذي يعيشه البلد، وتطلب مصر من جديد ملء هذا الفراغ وتصحيحه لمنع دخول لبنان في دوامة سيقع فيها الجميع، ويستحق اللبنانيون قيام حكومة مسؤولة تضع في أولوياتها مصالح البلد، ويجب ابعاد الحسابات الطائفية والبدء بالتفكير بالحسابات العامة والوطنية، وانشاء حكومة بعيدا عن الطائفية والمصالح السياسية، قادرة على مواجهة التحديات الحالية وحماية سيادة الشعب، وحيازة الثقة والاعتراف الدوليين.
واعتبر: «ان هذا اللقاء هو رسالة لجميع القادة والمسؤولين اللبنانيين، مفادها انه فور تشكيل حكومة توحي بالثقة، يمكننا الانتقال من المساعدات الإنسانية الى المساعدات الاقتصادية الحقيقية، وقد تتضح عندها صورة مستقبل الشعب اللبناني».
واختتم المؤتمر بعرض لوزير الخارجية الفرنسي جان ايف لودريان للعمل الذي قامت به فرنسا لتأمين المساعدة الدولية للبنان، وللجهود الكبيرة التي قامت بها الأمم المتحدة لوضع هذه المساعدات موضع التنفيذ والتطبيق الفعلي ولايصالها الى مستحقيها بفاعلية، في بلد يعاني من كل أنواع الصعوبات.
ولفت الى ان المساعدات وصلت الى اكثر من 370 مليون دولار، وهذه التقديمات ستساهم في تأمين الحاجات الاساسية للبنانيين.
ولفت الى ان المساعدات المباشرة التي يتم تأمينها للشعب اللبناني ليست، بأي حال من الأحوال، بديلة عن مسؤوليات السلطات اللبنانية التي يجب عليها اتخاذ الخطوات اللازمة لتخطي الازمات، ومنها اولا تشكيل حكومة فاعلة وقابلة للحياة والبدء بمفاوضات لتطبيق برنامج صندوق النقد الدولي ووضع الإصلاحات الاولية موضع التنفيذ لاصلاح القطاع المصرفي وقطاع الطاقة وغيرها.
وأشار الى ان فرنسا والاتحاد الأوروبي قد مارسا ضغوطا لكي يلتزم المسؤولون في لبنان بما تعهدوا به في هذا المجال، ولكن على السلطات اللبنانية ان تسمح للبنانيين بالتعبير عن انفسهم بطريقة ديموقراطية في الانتخابات المقبلة عام 2022، وعلى الحكومة المقبلة ضمان اجراء هذه الانتخابات بشفافية.