تمر ذكرى الهجرة النبوية وحال المسلمين حال فرقة وشتات كلٌ يسير على هواه، وكأن دعوة النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم لم تكن إلا دعوة هاشمية كما يتصورها من لم يكن الإسلام صلباً في قلوبهم، والهجرة النبوية هي حدث تاريخي عظيم، وهذه الذكرى ذات مكانة مهمة وعظيمة عند المسلمين وهي هجرة نبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم من مكة إلى المدينة بسبب ما كان يلاقيه من عذاب وأذى من كبار زعماء قريش، خاصة بعد وفاة عمه أبي طالب.
وهذا الحدث العظيم غيّر مجرى التاريخ في هجرة النبي وقد مكث سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم في مكة 13 عاما قبل الهجرة يدعو الناس إلى الإسلام وينورهم وقد تعذب الكثير من أصحابه كبلال الحبشي رضي الله عنه الذي ألقي في الصحراء في الحر الشديد وعذبوا آل ياسر، وقد وعدهم الرسول صلى الله عليه وآله وسلم بالجنة.
ومن أسباب الهجرة الحصار الذي فرضته قريش على المسلمين وعلى آل هاشم وكان الحصار اقتصاديا واجتماعيا فلا يتزوجوا منهم أو يزوجوهم ولا يشتروا منهم ولا يبيعوهم، وقد تأذى الصحابة من هذا الحصار الشديد حتى أن منهم من أكل ورق الشجر، وتآمر كفار قريش على حبس الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، ولم يلق هذا الأمر قبولا، واقترح البعض أن ينفى الرسول أو أن يخرجوه، واقترحوا أن يأتوا من كل قبيلة برجل واحد يقف على باب بيته، فإذا خرج النبي صلى الله عليه وآله وسلم يضربونه ضربة رجل واحد فلا يتمكن بنو هاشم من المطالبة بالقصاص، فلما أذن الله سبحانه وتعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم بواسطة الوحي، ذهب صلى الله عليه وسلم إلى بيت أبي بكر وقال له قد أذن الله لي بالخروج، فقال أبو بكر الصحبة بأبي أنت يا رسول الله؟ فقال الرسول صلى الله عليه وآله وسلم نعم. وأعطى أبو بكر إحدى راحلتيه للهجرة مع الرسول صلى الله عليه وسلم.
وعند الهجرة حن نبينا محمد صلى الله عليه وسلم إلى وطنه وحبه لوطنه وحبه للبيت الحرام، فقال «ما أطيبك من بلدة وأحبك إلي، ولولا أن قومك أخرجوني منك ما خرجت» وغادر النبي صلى الله عليه وسلم مع أبي بكر، وكان أبو بكر في الطريق يسير ساعة أمام النبي صلى الله عليه وسلم وساعة خلفه، وهذا دلالة على خوف أبي بكر على النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وعند وصولهما لغار ثور دخل أبو بكر قبل النبي صلى الله عليه وآله وسلم خوفا على النبي من أي أذى.
وقد أخذ النبي صلى الله عليه وآله وسلم كل أسباب الحيطة قبل وأثناء الهجرة وكان اتكاله أولا وأخيرا على الله سبحانه وتعالى، ولما عرف الكفار بخروجه صلى الله عليه وسلم لحقوا به إلى أن وصلوا إلى باب غار ثور الذي كان به رسولنا صلى الله عليه وآله وسلم مع أبي بكر رضي الله عنه وكان الكفار على باب الغار، فخاف أبو بكر وطمأنه نبينا صلى الله عليه وسلم وقال له «ما ظنك باثنين الله ثالثهما».
وكان علي بن أبي طالب رضي الله عنه قد نام في فراش النبي بأمر من النبي صلى الله عليه وسلم حتى يخدع الكفار الذين تآمروا على قتله وكذلك رد الأمانات لأصحابها، وكذلك أسماء بنت أبي بكر (ذات النطاقين) التي شقت نطاقها وربطت به الزاد والطعام إلى الرسول صلى الله عليه وسلم ووالدها رضي الله عنه.
ونحن نستذكر الهجرة النبوية ندعو الله جميعا أن يحفظ بلدنا الكويت وأميرها وشعبها والمخلصين عليها وجميع بلدان المسلمين اللهم آمين، ونبتعد عن الكراهية والفتن وعلى وسائل الإعلام المرئية والمقروءة والمسموعة غرس حب الوطن والدفاع عنه عندما يتعرض للخطر، لا سمح الله.
[email protected]