أصبحت مسألة الصحة من المسائل الأكثر أهمية في مجال التنمية بمختلف المجتمعات سواء في تلك المتقدمة أو النامية، وذلك بوصفها من بين أهم العوامل التي تسهم في تحقيق التنمية الشاملة وأحد مؤشراتها على حد سواء، وذلك باعتبار أن تقدم أي أمة يعتمد أولا وقبل كل شيء على شعبها، ولهذا كان واجبها الأول هو بناء الأفراد أو بناء رأس المال البشري، وذلك برفع مستوى التعليم والمهارات والعمل على تحسين الصحة العقلية والجسمية لرجالها ونسائها وأطفالها، لأنهم عوامل رئيسية للإنتاج والمحور الرئيسي في عملية التنمية.
ولتعبئة الموارد البشرية للتنمية الوطنية يلزم الاهتمام بصحة الشعب، وهذا الاهتمام لا ينصب فقط على تقديم الخدمات الطبية والعلاجية، وإنما يتطلب تعليم عادات طبية جيدة، ووضع اللوائح والقوانين اللازمة لحماية الصحة العامة من عبث المستهترين، كما يلزم أن تكون إجراءات الوقاية من الأمراض وفي مقدمتها النظافة العامة لجميع مناطق الدولة في بؤرة اهتمام المسؤولين عن الصحة العامة.
إذن، فالعلاقة بين الصحة والتنمية هي علاقة تبادل وتفاعل، كلاهما يؤثر في الآخر، فالصحة هي من جهة عامل يساعد في الوصول إلى الأهداف التنموية الأخرى، ومن جهة ثانية هي هدف تنموي في حد ذاتها لا مجال للوصول إليه دون تنمية شاملة، حيث لا يمكن لقطاع الصحة وحده أن يحقق بلوغ مستوى مقبول من الصحة للجميع إلا بتنسيق بين القطاع الصحي وباقي مؤسسات المجتمع كالأسرة والمدرسة والإعلام وغيرها.
وقد كانت الثقافة الصحية ومازالت في متناول برامج الإعلام التقليدي ووسائله المتعددة، وحاولت هذه الوسائل بناء جسور من المعرفة الثقافية مع جمهورها تقوم على تعزيز الوعي الصحي وإدراك أهمية البناء السليم للمجتمعات، من خلال محاربة القيم البالية والعادات الضارة بصحة الإنسان، وتعزيز مفهوم الصحة للجميع، من خلال العمل وفق خطط تنموية وحملات توعوية، تختلف أهدافها ومادياتها وإمكاناتها وطرق تنفيذها من وسيلة إلى أخرى ومن مجتمع إلى آخر، لكن ما يجمعها هو بناء الإنسان السليم المعافى وتطوير ثقافته الصحية بما يتناسب مع قيم الحداثة والتطوير.
وباعتبار أن الصحة جزء لا يتجزأ من التنمية الاجتماعية الشاملة، وعنصر فعال لا يمكن إغفاله عند التخطيط لبلوغها، هذا من جهة، ومن جهة أخرى أهميتها في هذا العصر بالذات بحكم ازدياد الكثافة السكانية في العالم وانتشار التلوث البيئي والأمراض الفتاكة «كورونا» مثلا، فقد أولت وسائل الإعلام أهمية معتبرة للجانب الصحي وذلك إدراكا منها بالمهمة المنوط بها، وهي المساهمة بقسط وافر لإيقاظ الهمم وبث الوعي والإرشاد الصحي بين أفراد المجتمع، انطلاقا من المبدأ القائل «الوقاية خير من العلاج».
وكانت منظمة الصحة العالمية قد أقرت خلال مؤتمرها الذي عقد في نيروبي عام 1978 بأن الفشل في تحسين المستوى الصحي لدول العالم الثالث وتحقيق التنمية الصحية يعود أساسا إلى عدم إشراك أفراد هذه المجتمعات في الرعاية الصحية، ودعا المؤتمر إلى ضرورة إشراك الإعلام لإحداث التغيير من خلال خلق الحس الصحي والوعي الصحي لتوجيه سلوكيات الأفراد وتعديلها بهدف رفع المستوى الصحي.
وكل عام والكويت وحكامها وشعبها وسائر بلاد المسلمين بألف خير.