طريق الحرير عبارة عن ممر تجاري قديم للقوافل يعود حتى لما قبل الميلاد، ويربط الصين والهند من جهة وأوروبا بالجهة الأخرى، مرورا بالشرق الأوسط، وهو ينقسم لقسمين كبيرين، أحدهما بحري والآخر بري، ولهما تفرعات عديدة، لدرجة أن هناك ارتباطا بين هذه التفرعات ورحلتي الشتاء والصيف المذكورتين بالقرآن، والعديد من التكنولوجيا التي اخترعت بالصين مرت من هذا الطريق كصناعة الورق والحرير والطابعة، وهناك أقوال إنه حتى كرة القدم مرت من خلاله.
وللصين ارتباط عاطفي كبير بهذا الطريق، خصوصا أنه كانت له مساهمة كبيرة في انتعاش اقتصادها طوال عصورها.
ومنذ ما قبل 2015 والصين تسعى الى إعادة هذا الطريق للحياة مرة أخرى، وفي عام 2017 جعلت هذه الفكرة جزءا من دستورها الرسمي، وفعلا نجحت في إنشاء جزء ليس بسيطا منه، وسمت الخطة «مبادرة حزام واحد طريق واحد»، والتي تعتبر أكبر مشروع إنشاء بنية تحتية في التاريخ، وسينتهي عام 2049، والذي يمر من 56 دولة، ويهدف الى تغذية العالم بالمنتجات الصينية بطريقة أسهل وأرخص وأسرع بكثير من الحاصل حاليا.
اليابان جارة الصين، والتي كانت تحتل المركز الثاني كأقوى اقتصاد، تفوقت عليها الصين، وهزت عرشها بقوة، لم تسكت أمام هذه المبادرة الصينية الضخمة، فقامت بالتوقيع مع الاتحاد الأوروبي في عام 2019 على ما سمي بـ «اتفاقية التجارة الحرة الأوروبية اليابانية»، وتهدف الى التقليل من التعرفة الجمركية بين الطرفين حتى تكاد تكون رمزية، وهذا ما أتاح لليابان سوقا كبيرا لتبيع منتجاتها، واليابان تنزل الملعب مع الهند ذات الاقتصاد الواعد، وبتعاون أوروبي وتشجيع أميركي، وتهدف الى العودة لمركزها الثاني بالاقتصاد العالمي وسلاحها بذلك جودة منتجاتها التي لا تستطيع الصين إلى الآن منافستها، وتعاوناتها السياسية والاقتصادية، عن طريق إنشاء طريق تجاري مع الهند تحت مسمى «ممر التنمية الآسيوي الأفريقي» الذي يربط بين آسيا وأفريقيا وأوروبا.
وبسبب هذه التناطحات بين الدولتين الجارتين أصبح هناك تنافس شرس بين الطرفين على السيطرة على موانئ العالم، ومن الطبيعي أن أي ضرر يحدث في هذه الموانئ سيؤثر على اقتصاد الطرف المتضرر، لذا سيبذلان كل طاقتهما للحفاظ على موانئهما بالعالم، بخلاف الفائدة الاقتصادية التي ستحققها البلدان التي تمر فيها هذه الطرق، هناك بعض الدول العربية كالكويت وقعت اتفاقية مع الصين بهذا الخصوص، ومن الذكاء ربط هذه الممرات بكل الدول العربية حتى تحصل على هذه الفوائد.