في بلدنا الكويت علينا قراءة قرارات الآخرين من حولنا ومدى تأثيرها على واقعنا ومعيشتنا وعلى الأمن «الوطني» عندنا، خاصة فيما يتعلق بالمال وحركة النقد، فخلل من هذا النوع هو ضرب في اقتصاد البلد والمجتمع وصناعة «اهتزاز» للجماعات التجارية.
هذه مقدمة للحديث عن قرار «مرتقب» للاتحاد الأوروبي حيث يدرس فرض وضع حد أعلى للشراء بالعملات الورقية بعشرة آلاف يورو بعد 3 سنوات من الآن للحد من غسيل الأموال والتهرب من الضريبة «حسب وجهة نظرهم»...الخ من الأسباب والذرائع.
وما يهمنا بالموضوع أنه في الوضع الدولي المتشابك ماليا وإلكترونيا، فإن قرارا مثل هذا النوع سيمتد بالتأثير والتأثر إلى باقي بلدان العالم ومنها منطقتنا العربية والخليجية، من هنا علينا عدم الانجرار والاندفاع إلى توقيع معاهدات دولية بهذا الخصوص من غير دراسة علمية مهنية وقراءة التجارب التطبيقية، فقد تكون هذه المعاهدات لا تفيدنا وقد تقتلنا، خاصة أن أوضاعنا مختلفة وحركة اقتصادنا ليست مشابهة وعلينا أن نلاحظ أن قوة عملتنا الوطنية الكويتية هي الأقوى في كل العالم، وكذلك لدينا تنوع في استخدام وسائل السداد والدفع، وما هو «مشكلة» عند الآخرين، قد لا تكون «معضلة» موجودة عندنا، فمصلحة «الكويت» الدولة «المؤسساتية» والمجتمع «الشعبي» و«الجماعات التجارية» بكل تقاسيمها هو الأولوية.
ماذا حدث من سلبيات عند استخدام الدفع الرقمي بشكل شبه مطلق؟ فلندرس «حركة التطبيق السويدية» على أرض الواقع حيث الشراء عبر العملات الورقية وصل إلى 1.33% فقط من إجمالي مشتريات البلد وتنتشر هناك لافتات «الدفع بالكرت فقط»، أي أن «الأغلب الأعم» لا يستخدم العملة الورقية وحسب إحصائية تابعة لبنك السويد المركزي أكثر من50% من الشعب لم يستخدم النقود الورقية في الشهر الأخير، وحذر البنك المركزي من خطورة الوضع واحتمالية خسارة البلد نتيجة وضع اقتصاد البلد تحت رحمه الشبكات الإلكترونية والتي هي عرضه للقرصنة والهاكرز والأخطاء التقنية.
وقد تساءل الخبير السويدي روبرت برغفست من مجموعة اس اي بي البنكية عن خطورة الوضع الحالي للسويد حيث قال: «ماذا سنفعل إذا سحب شخص ما سلك الكهرباء عن السويد؟ هل نعود إلى نظام المقايضة ونتبادل السلع والخدمات؟»، وضرب الخبير السويدي المثل عما حصل عندما استطاع القراصنة الإلكترونيون في يوليو من هذا العام ضرب أكثر من 800 محل تابع لسلسلة محلات غذائية وأوقف استخدام الدفع الإلكتروني فيها مما أحدث خسائر تقدر بـ 11.6 مليون دولار تقريبا ولم يستطع الناس شراء شيء لأن اغلبهم لا يملكون النقود الورقية أصلا ولا يخزنونها بالمنزل حتى للطوارئ؟!
إذن، الحركة في خط التطبيق أوجدت «مشكلة» وتسببت في «ضرر»، لذلك علينا دراسة المسألة من هذه الناحية لضمان سلامتنا «نحن» بعيدا عن «الآخرين»، وهنا واجب الاختصاصين المهنيين في الاقتصاد والمال أن يتحدثوا ولكن من دون «تقليد» والتفكير في المصلحة العامة قبل الخاصة، فمن لديه «مرض» في مجتمعه فدواؤه مختلف، لأننا أساسا قد نكون لا نعاني من هكذا «مرض»، فما بالك إذا كانت وصفات الآخرين «الاقتصادية» قد أضرت وضربت بلدانا «راقية» و«محصنة» «إداريا» كالسويد، فلماذا نعمم الضرر على بلدنا؟ هذا هو السؤال.