بيروت ـ عمر حبنجر ـ داود رمال
ألهب إعلان حاكم مصرف لبنان رياض سلامة رفع الدعم عن المحروقات الشوارع اللبنانية، على اختلاف انتماءاتها السياسية والطائفية، وأشعل نار المزايدات السياسية الشعبوية، استنادا إلى قاعدة الدجل والديماغوجية التي يبرع بها بعض رموز المنظومة السياسية الممسكة بدفة السلطة، في وقت يبدو ان الأمور الحكومية ستراوح مكانها حتى الاجتماع التاسع بين الرئيس المكلف نجيب ميقاتي ورئيس الجمهورية العماد ميشال عون، الذين اتفقا أمس على متابعة المشاورات.
قرار حاكم المصرف المركزي الذي أبلغه إلى مجلس الدفاع الأعلى للمجتمعين في بعبدا أول من أمس، أثار حفيظة رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل الذي اعتبر أن سلامة هو حاكم المصرف المركزي وليس حاكم لبنان، واصفا قراره بـ «التفجيري والقاتل»، ودعا التيار مناصريه للتحرك باتجاه منزل سلامة لمطالبته بالتراجع عن قراره برفع الدعم.
كما استدعى الرئيس عون حاكم المصرف إلى بعبدا واجتمع معه بحضور وزير المال غازي وزني ووزير الطاقة والمياه ريمون غجر للبحث في قرار رفع الدعم عن المحروقات، والذي أكده سلامة أمس من دون طرح أي بدائل.
وشدد عون على ان هذا القرار له تداعيات اجتماعية واقتصادية خطيرة تنعكس على الصعد كافة.
وبعد المداولات التي ركزت على قانون البطاقة التمويلية وأسبابه الموجبة التي تربط رفع الدعم بإصدار هذه البطاقة، وكذلك بالموافقات الاستثنائية عن مجلس الوزراء التي أجازت لمصرف لبنان استعمال الاحتياطي الإلزامي لفتح اعتمادات لشراء المحروقات ومشتقاتها على أن تسدد على سعر 3900 ليرة للدولار الواحد، بدلا من 1500 ليرة، طالب عون الحاكم سلامة التقيد بهذه النصوص في أي إجراء يتخذه وبعد التنسيق مع السلطة الإجرائية التي ناط بها الدستور وضع السياسة العامة للدولة في جميع المجالات.
وكان رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب قال إنه يعارض رفع الدعم قبل طرح بديل وإنه يجري تحقيق تقدم صوب طرح البطاقات التمويلية للفقراء وإن القرار كان يمكن أن ينتظر لحين الطرح. وقال على تويتر إن القرار «مخالف للقانون، وكذلك لا يراعي واقع الأزمة المعيشية والاجتماعية العميقة، وستكون تداعياته خطيرة جدا على البلد، وأضراره أكبر بكثير من منافع حماية التوظيفات الإلزامية في مصرف لبنان، لأنه يدخل البلد في المجهول الاجتماعي والمعيشي».
والراهن أن التيار الحر كان يضغط على سلامة لاستعمال الاحتياطي الإلزامي بدعم السلع، أقله حتى نهاية ولاية الرئيس عون، لكن سلامة رفض الطلب الذي تلقاه من باسيل شخصيا، حاميا نفسه بطلب تشريع قانون يسمح له بذلك في مجلس النواب، فإذا بالملاحقات القضائية تتحرك ضده.
وفي موقف المركزي هذا ملامة للطاقم السياسي المماطل في تشكيل الحكومة، وهنا بيت القصيد، في قرار وقف الدعم وغاية القوى المهتمة بلبنان منه، حشر المماطلين في تشكيل الحكومة بزاوية نواياهم، فإما تشكيلها هذا الشهر وإما على الباغي دور الدوائر، إما انفراج وإما انفجار يتعدى ما شهده لبنان في ليلة القرار برفع الدعم عن البنزين الذي يرفع سعر صفيحته (20 ليترا) إلى 330 ألف ليرة، فيما يقفز سعر صفيحة المازوت إلى 280 ألف ليرة، وهذا ما لا طاقة للمواطن اللبناني على التعايش معه.
وفي خلفية الإصرار على حكومة فاعلة قبل نهاية الشهر بعض الاستحقاقات الدولية أو الإقليمية التي توجب أن يكون للبنان الباحث عن دعم الأشقاء والأصدقاء.
وبالتحديد تحدثت المصادر عن مؤتمر دول الجوار الذي دعا العراق إلى انعقاده، حيث اللافت أن كل تلك الدول شكلت حكوماتها حديثا من سورية إلى إيران ومن خارج هذه المجموعة إسرائيل، الأمر الذي يوجب حث المعنيين في لبنان على أن تكون لديهم حكومة.
وثمة من يعتقد أن هذا القرار كان يمكن ان يبيض مسودة الحكومة التي رفعها الرئيس ميقاتي للرئيس عون أول من أمس، ليتم تظهيرها في لقائهما الثامن أمس، لكن ذلك لم يحصل. وبعد اللقاء، قال الرئيس ميقاتي للصحافيين: إن شاء الله خير «رح نتابع الأسبوع الجاي»، وأضاف ميقاتي أن اللقاء شهد استكمال البحث في تفاصيل تشكيل الحكومة، دون الإدلاء بأي معلومات أو تفاصيل، وكان أكد في تصريحه أول من أمس، ان الأمور تسير بالاتجاه الصحيح.
مصادر بعبدا قالت إن عون وميقاتي توافقا على الوزارات السيادية الأربع، لكن أجوبة الأطراف السياسية المعنية بوزارات الخدمات لم تصل بعد. وعلى هذا، فإن اللقاء التاسع بين الرئيسين عون وميقاتي رهن الأجوبة المرتقبة مطلع الأسبوع.