قال تقرير صادر عن بنك الكويت الوطني إن وتيرة نمو مؤشر أسعار المستهلكين في الولايات المتحدة تسارعت خلال شهر يوليو الماضي ليستقر عند أعلى مستوياته المسجلة منذ 13 عاما، وذلك في ظل اعتدال معدلات الارتفاعات الشهرية.
وأصدر مكتب إحصاءات العمل مؤشره لأسعار المستهلك يوم الأربعاء الماضي ليكشف عن تسجيل معدل نمو نسبته 5.4% في يوليو مقارنة بمستويات العام السابق. وبينما تجاوزت الزيادة نسبة 5.3% التي كان يتوقعها الاقتصاديون، فقد ظلت القراءة متوافقة مع الزيادة البالغة 5.4% والمسجلة في يونيو، والتي كانت أكبر زيادة منذ عام 2008. وعلى أساس شهري، أظهرت القراءات ارتفاع الأسعار بنسبة 0.5% مقابل 0.9% في يونيو.
وباستبعاد العناصر المتقلبة مثل المواد الغذائية والطاقة من المعادلة، كشفت القراءات تراجع ضغوط الأسعار إلى حد ما، إذ ارتفع مؤشر أسعار المستهلكين الأساسي بنسبة 4.3% في يوليو مقارنة بالعام السابق، أي أقل قليلا عن معدل النمو المسجل في يونيو والبالغ 4.5%.
الضغوط التضخمية
وكشفت تلك البيانات عن تزايد الضغوط التضخمية متجاوزة القطاعات الأكثر تضررا من إعادة فتح الأنشطة الاقتصادية، مثل أسعار تذاكر الطيران والنفقات المتعلقة بالسفر، ما أثار مخاوف من أن التضخم سيكون أكثر من مجرد ظاهرة عابرة.
وبالنظر إلى مكونات تلك القراءة، نلحظ تزايد أسعار السيارات والشاحنات المستعملة، والتي ارتفعت بنسبة 41.7% على أساس سنوي، فيما جاءت الزيادة متواضعة على أساس شهري وبنسبة بلغت 0.2% في يوليو، أي تباطؤ حاد مقارنة بمعدلات نمو الشهرين السابقين والبالغة 10.5% و7.3%.
وانخفضت أسعار تذاكر الطيران بنسبة 0.1% على أساس شهري، بعد ارتفاعها بنسبة 19% على أساس سنوي. كما تراجع معدل نمو نفقات الفنادق هامشيا، إذ ارتفعت التكاليف بنسبة 6.8% على أساس سنوي بعد زيادة بنسبة 7.9% في الفترة السابقة.
ويبدو أن الاتجاه المقلق الآن يتمثل في ارتفاع تكاليف السكن، والتي شهدت المزيد من النمو خلال الشهر الماضي، إذ ارتفعت أسعار الإيجارات بنسبة 0.3% على أساس شهري في يوليو، مستفيدة من تسجيل مكاسب مماثلة في الشهرين السابقين، لتصل بذلك الزيادة السنوية إلى 2.4%.
من جهة أخرى، ارتفعت تكاليف الخدمات الشخصية مثل تصفيف الشعر بنسبة 1.2% على أساس شهري في يوليو ما أدى إلى وصول الزيادة السنوية إلى 3.1%، كما زادت تكاليف تناول الطعام خارج المنزل بنسبة 0.8% على أساس شهري وبنسبة 4.6% على أساس سنوي. وعادة ما تكون مثل تلك الزيادات في الأسعار علامة على ارتفاع الأجور التي يتم تمريرها إلى المستهلك.
تقليص سياسات التحفيز
وتتمثل نقطة النقاش الأبرز في الوقت الحالي فيما إذا كانت الزيادة الأخيرة في أسعار المستهلك ستتحول إلى نمو معدلات التضخم بوتيرة ثابتة. واتخذ الاحتياطي الفيدرالي في السابق وجهة نظر مفادها أن ارتفاع التكاليف سوف يتراجع بمرور الوقت مع انحسار حالة النقص المرتبطة بالجائحة، إلا أن رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول أقر مؤخرا بأن مخاطر التضخم قد تميل «إلى الاتجاه الصعودي» على المدى القريب.
وفي غضون ذلك، نشهد الآن تزايدا ملحوظا في توجه عدد كبير من محافظي البنوك المركزية في الولايات المتحدة نحو الدفع بالحجج لإثبات وجهة نظرهم بضرورة قيام الاحتياطي الفيدرالي قريبا بدراسة تقليص سياسات التحفيز النقدي غير المسبوقة الخاصة بشراء الأصول بقيمة 120 مليار دولار شهريا.
وصرح الاحتياطي الفيدرالي بأنه سيحافظ على هذه الوتيرة حتى يرى «تقدما إضافيا وجوهريا» نحو وصول معدل التضخم في المتوسط إلى مستوى 2% وتحقيق الحد الأقصى للتوظيف. وخلال الأسبوع الماضي صرح رافائيل بوستيك، رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي في أتلانتا والذي يتمتع بحق التصويت في اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة قائلا إن الاحتياطي الفيدرالي قد حقق أول تلك الأهداف، ودعم وجهة النظر هذه توم باركين رئيس الاحتياطي الفيدرالي في ولاية «ريتشموند، وإريك روزينجرين من بوسطن، وجيمس بولارد من سانت لويس، وغيرهم.
أما ماري دالي، رئيسة الاحتياطي الفيدرالي في سان فرانسيسكو، وأحد الأعضاء الأكثر ميلا إلى السياسات التيسيرية، والتي كانت تدعو إلى التأني في سحب الدعم، فقد صرحت أن الاحتياطي الفيدرالي قد يبدأ في «تقليص» مستويات الدعم النقدي المرتبط بالجائحة بنهاية العام الحالي نظرا لقوة الانتعاش الاقتصادي.
وفي مقابلة أجرتها يوم الأربعاء الماضي، قالت دالي: «الحديث عن إمكانية تقليص سياسات الدعم في وقت لاحق من العام الحالي أو أوائل العام المقبل، هذا هو موقفي في الوقت الحاضر».
وبعد صدور تقرير مؤشر أسعار المستهلكين، تراجع العائد على سندات الخزانة الأميركية لأجل 10 سنوات بمقدار 0.02 نقطة مئوية ليبلغ 1.33%، وانخفضت سندات الخزانة لأجل عامين بنسبة أكبر، مع انخفاض العائدات بنحو 0.02 نقطة مئوية إلى 0.22%. وتراجع الدولار في ظل انخفاض المؤشر بنسبة 0.72% لينهي تداولات الأسبوع مغلقا عند مستوى 92.518.
دعم من الحزبين
في حادثة غير مسبوقة من الحزبين، صوت مجلس الشيوخ الأميركي بواقع 69 صوتا مقابل 30 لصالح تمرير مشروع قانون البنية التحتية والبالغ قيمته تريليون دولار والذي قدمته إدارة الرئيس جو بايدن. وتم تصميم هذا المشروع لاستثمار تريليون دولار في الطرق والجسور ووسائل النقل العام وتحسين الوصول إلى الإنترنت على مدار السنوات الخمس المقبلة. وبعد انتهاء التصويت، حول الديمقراطيون تركيزهم إلى قضية تتسم بالحزبية من خلال حزمة بقيمة 3.5 تريليونات دولار لتعزيز شبكة الأمان الاجتماعي والتي تتناول معالجة تغير المناخ والصحة والتعليم من بين أمور أخرى. وستؤدي الميزانية إلى زيادة الضرائب ومن المتوقع أن يعارضها الجمهوريون على نطاق واسع.
بيانات التوظيف الأميركية.. تحسُّن مستمر
أشار التقرير إلى أن البيانات الصادرة يوم الخميس الماضي أظهرت أن طلبات الحصول على إعانات البطالة الأولية في الولايات المتحدة وصلت إلى 375 ألف طلب الأسبوع الماضي، مقابل 387 ألف طلب الأسبوع السابق ما يتوافق مع تقديرات الاقتصاديين، وكان هذا هو الأسبوع الثالث على التوالي الذي تنخفض فيه الطلبات الجديدة.
وفي الوقت ذاته، انخفض عدد الأشخاص الذين يحصلون بالفعل على إعانات البطالة الحكومية بمقدار 114 ألف طلب إلى 2.87 مليون طلب بعد تعديلها موسميا. وفي الوقت الحالي تعتبر تلك المطالبات المستمرة في أدنى مستوياتها المسجلة منذ بداية الجائحة. وكشفت القراءات عن عدم تمكن سلالة الدلتا المتحورة من تحويل الانتعاش السريع الذي شهده الاقتصاد الأميركي لينحرف عن مساره.
وعلى صعيد آخر، صدرت قراءة مؤشر أسعار المنتجين بنهاية الأسبوع وأظهرت ارتفاع وتيرة تضخم أسعار الجملة على مدى الأشهر الـ 12 الماضية إلى 7.8% مقابل 7.3%. ويعتبر هذا هو أعلى مستويات المؤشر منذ إعادة تشكيله في عام 2010 وقد يكون أحد أعلى القراءات منذ أوائل الثمانينيات. وشكل قطاع الخدمات، الذي يعتبر من الفئات المتقلبة التي يمكن أن تتأرجح بشكل حاد من شهر لآخر، حوالي 75% من تزايد معدلات تضخم أسعار الجملة في شهر يوليو.
الاقتصاد البريطاني.. نمو ملحوظ بالربع الثاني
قال تقرير «الوطني» إن اقتصاد المملكة المتحدة شهد نموا ملحوظا في الربع الثاني من العام، إذ نما الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 4.8% في ظل إقبال المستهلكين على الإنفاق عقب تخفيف التدابير الاحترازية المتعلقة بفيروس كورونا وتسارع وتيرة برنامج اللقاحات. وجاء المعدل متماشيا مع توقعات السوق، ولكنه أقل قليلا من توقعات بنك إنجلترا التي أشارت إلى وصول معدل النمو إلى نسبة 5%.
وساهم تسارع معدل النمو الاقتصادي على أساس ربع سنوي في مساعدة الاقتصاد البريطاني على تعويض الكثير من الخسائر التي فقدها خلال السنوات الماضية، إلا أنه على الرغم من ذلك، لا يزال إنتاج السلع والخدمات أقل بنسبة 4.4% مقارنة بالربع الأخير من عام 2019.
وبالمقارنة، استعادت الولايات المتحدة كل الخسائر التي فقدتها في الربع الثاني من العام، كما وصل إنتاج منطقة اليورو خلال الفترة نفسها إلى مستوى أقل بنسبة 3% عن مستويات الذروة السابقة قبل تفشي الجائحة. وتظهر تلك الأرقام أن الأداء الاقتصادي للمملكة المتحدة لا يزال يحقق معدلات نمو أبطأ من الاقتصادات المتقدمة الأخرى.