يعد النقد من أبرز أدوات البناء والرقي في الكثير من المجتمعات المتحضرة، لكننا للأسف نراه أداة لمحاربة البعض وسبيلا لتصفية حسابات شخصية بعيدا عن المصلحة العامة، ولعل هذا ما نشهده في الأيام الأخيرة، لاسيما في جامعتنا التي ينبغي لنا جميعا أن نتكاتف لنبقيها صرحاً شامخاً نعتز به ونفتخر بإنجازاتها.
وفي ظل ما تشهده البلاد من ظروف صحية حرجة فرضت نفسها على جميع مجتمعات العالم نتيجة انتشار فيروس كورونا، وشكلت هذه الظروف سببا لتكاتف جميع شرائح هذه المجتمعات وفئاتها لمواجهة هذه الجائحة والحد من انتشارها، لا أرى أننا نحن في الكويت، الذين عرف عنا التكاتف والتضامن في الكثير من الأزمات التي تعرض لها مجتمعنا، بأننا أقل قدرة من تلك المجتمعات.
وأنا عزيزي القارئ أعرف كلا من عميد شؤون الطلبة في جامعة الكويت د.سلمان العنزي وأمين عام الجامعة مرضي عياش قبل أن يتوليا منصبيهما في جامعة الكويت، وأعرف أن اختيار المدير لهما كان نتيجة لنظرة حكيمة ورؤية ثاقبة، لأن العمل الإداري في ظل هذه الظروف الصعبة يشكل تحديا كبيرا، حيث تمتد فترة العمل من الصباح الباكر الى ما بعد المساء، فالجائحة فرضت على العاملين في المجال الإداري مضاعفة الجهود والتضحية بالمزيد من الوقت، في الحين الذي لجأ فيه معظمنا نحن أساتذة الجامعة للعمل وتقديم المحاضرات «أونلاين» من بيته حيث يهيئ لنفسه المزيد من وسائل الراحة، فكيف لمن يوفر له سبل الراحة يبيح لنفسه انتقاد من يعمل في الميدان ويتفانى في سبيل مواصلة العمل والبناء على كل صغيرة وكبيرة وهو يقدم التضحيات من خلال المغامرة بتعريض نفسه للإصابة من أجل راحة الآخرين وتجنيبهم التعرض للفيروس؟
إن كل من قام بانتقاد د.سلمان أو د.مرضي لو قدر له أن يكون مكان أي منهما لكانت إخفاقاته أكبر بكثير، فرغم كل هذه الانتقادات الموجهة لكلا الرجلين، إلا أن العمل في إدارتيهما يسير على ما يرام وبقدر يفوق ما هو متوقع في هذه الظروف، ولعل خير دليل على ذلك الرضا الذي يبديه مدير الجامعة عن عمل الرجلين كونه يعرف صعوبة العمل في الوقت الراهن، فلما الانتقاد؟ من أجل الانتقاد؟!
لا شك أن انتقاد سلمان العنزي ومرضي عياش في ظل ما يقدمانه من جهود، سوف يشكل بيئة طاردة لكل من يكلف بالعمل الإداري في الجامعة وسوف يؤدي بلا شك الى خسارة الجامعة للكثير من الكفاءات الوطنية القادرة على النهوض ودعم مسيرة البناء والتقدم.
أستغرب من انتقاد البعض للرجلين وكان الواجب أن يشكرا على ما يقومان به من عمل لتحقيق مصالح الجامعة والطلبة ومصالح الزملاء الكرام، في حين نرى تجاهلهم لمن يقومون بتعطيل مصالح الناس، فالأصل في الانتقاد أن يكون من أجل البناء، ولا يجوز هذا الانتقاد الأعمى المبني على أسس شخصية كونهما ينتميان الى قبيلة واحدة، فلتعلم أيها الناقد أعمى البصيرة إن كان الأمر كذلك بأنك وغيرك لن تصل الى تلك المكانة الرفيعة التي تشغلها قبيلة عنزة وأبناؤها الكرام، فدع عنك الترهات التي لا تنتهي، ويكون بعلمك أيها المترهط ليس عيبا أن تأتي بوساطة وتعمل بجد، لكن العيب الكبير أن تأتي بوساطة ولا تعمل وتضع العقبات أمام من لديه الرغبة بالعمل.