التداوي بالخنزير
هل يجوز زرع صمامات مأخوذة من قلب الخنزير في العمليات الجراحية؟
٭ بعد الاطلاع على كلام الأطباء حول عمليات زراعة الصمامات وتهيئتها، تبين لنا ما يلي:
1 - ان الصمامات المأخوذة من الخنزير تعد الأنسب والأكثر أمنا للمرضى من غيرها، وأن غيرها كالصمام البشري فإنه قليل جدا لا يفي بحاجة المرضى المسجلين في السجلات الطبية قيد الانتظار، أو الصمام المعدني وهذا يحتاج إلى أدوية مصاحبة بقية العمر وفيه مخاطر قد تؤدي إلى هلاك النفس.
2 - ان هذه الصمامات المأخوذة من قلب الخنزير تعالج بوضعها في محلول كيميائي معين يقتل الخلايا في هذه الأنسجة لتصبح كالجلد في عملية تشبه دبغ الجلود، وهو ما يسمى عند الفقهاء بعملية الاستحالة.
وقد ذهب جمهور العلماء إلى أن نجس العين إذا استحال وزال اسمه ووصفه تغير حكمه، لأن الحكم تابع للاسم، والوصف دائر معه وجودا وعدما.
قد أصدر مجلس المجمع الفقهي الإسلامي برابطة العالم الإسلامي في قراره:
1 ـ أن عملية استخلاص الهيبارين ذي الوزن الجزيئي المنخفض من الهيبارين العادي تتم بطريق كيميائية ينتج عنها مركبات جديدة مختلفة في خواصها وصفاتها الفيزيائية والكيميائية عن الهيبارينات العادية، وهوما يعبر عنه الفقهاء بالاستحالة.
2 ـ ان استحالة النجاسة إلى مادة أخرى مختلفة عنها في صفاتها وخواصها كتحول الزيت إلى صابون ونحو ذلك، أو استهلاك المادة بالتصنيع وتغير الصفات والذات، تعد وسيلة في الفقه الإسلامي للحكم بالطهارة وإباحة الانتفاع بها شرعا.
وصدرت أيضا توصية من الندوة الفقهية الطبية الثامنة للمنظمة الإسلامية للعلوم الطبية المنعقدة بدولة الكويت في الفترة من 22 - 24/5/1995 تضمنت ان الاستحالة التي تعني انقلاب العين إلى عين أخرى تغايرها في صفاتها تحول المواد النجسة والمتنجسة إلى مواد طاهرة وتحول المواد المحرمة إلى مواد مباحة شرعا، وبناء على ذلك:
1 - الجيلاتين المتكون من استحالة عظم الحيوان النجس وجلده وأوتاره طاهر وأكله حلال.
2 - الصابون الذي ينتج من استحالة شحم الخنزير، أوالميتة يصير طاهرا بتلك الاستحالة ويجوز استعماله.
وعليه، فإنه يجوز للمسلمين زراعة هذه الصمامات المصنوعة من قلب الخنزير لما يلي:
1 - أن زراعتها داخل في معنى الضرورة التي قد يفضي عدم تناولها غالبا إلى هلاك المريض.
2 - أن هذه العين النجسة قد استحالت وتغيرت خواصها المستقذرة، وبالتالي تغير حكمها تبعا لذلك على مذهب جماهير العلماء وهو رأي الحنفية والمالكية وقول في مذهب الحنابلة ومذهب الظاهرية، واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: «فإن هذه الأعيان لم تتناولها نصوص التحريم لا لفظا ولا معنى، فليست محرمة ولا في معنى المحرم فلا وجه لتحريمها بل تتناولها نصوص الحل، فإنها من الطيبات.
وهي أيضا في معنى ما اتفق على حله فالنص والقياس يقتضي تحليلها» مجموع الفتاوى 21/71. والله أعلم.