محمود عيسى
دعت مجلة ميد حكومات دول العالم الى خلق التوازن بين السياسات المتعلقة بالتغيرات المناخية والاعتبارات الاقتصادية التي يتعين عليها مراعاتها.
وقالت المجلة في تحليل بقلم رئيس تحريرها السابق ادموند او سوليفان، ان خمس شركات نفط غربية رائدة حققت أرباحا كبيرة في الربع الثاني من 2021 بفضل تحسن أسعار النفط منذ مارس 2020. ومع أن هذه أخبار سارة للمستثمرين إلا أنها ليست كذلك بالنسبة لخطط خفض جذري في انبعاثات الكربون.
وأعرب او سوليفان عن خشيته من تأجيل اللحظة التي قد يبدأ فيها انخفاض إنتاج النفط الى ما بعد عام 2040، لاسيما ان حوافز الإنتاج تتزايد خصوصا إذا استمرت اتجاهات الأسعار الأخيرة.
وتنسجم مع هذا السياق دعوة الرئيس الأميركي جو بايدن منظمة أوپيك في أغسطس لزيادة إنتاج النفط بدلا من تقييده، انطلاقا من أجندته الخاصة بتغير المناخ والتي تتضمن العمل على السيطرة على أسعار الطاقة. واعتبرت المجلة تسارع التضخم بكل مكان في ضوء التعامل مع تداعيات كورونا الاقتصادية اختبارا للثورة الخضراء على الطاقة.
وبالفعل فقد ارتفع مؤشر S&P للسلع الأساسية في أغسطس بأكثر من 50% عن العام السابق، نتيجة ارتفاع أسعار المواد والأراضي الذي أدى لارتفاع تكلفة الألواح الشمسية بنسبة 20% حتى هذا الوقت من عام 2021وكذلك توربينات طاقة الرياح بعد انخفاض بنسبة 90% خلال عقد من الزمان. ومع ان الزيادة في التوربينات أقل أهمية، لكنها أعلى من التضخم بشكل عام.
وقالت المجلة ان ارتفاع سعر التحول نحو الطاقة الخضراء يؤثر على صانعي السياسات. في كل من المملكة المتحدة التي قرر رئيس وزرائها في أغسطس التخلي عن خطط لحظر بيع غلايات الغاز الجديدة بسبب التكلفة، وفي الولايات المتحدة حيث تم التصويت لصالح حزمة البنية التحتية التي قدمها الرئيس بايدن بقيمة تريليون دولار منها150 مليار دولار للاستثمار في المدارس والموانئ والمباني الأخرى لزيادة قدرتها على تحمل الطقس القاسي، دون التطرق لتعهده بوقف انبعاثات الكربون في محطات الطاقة بحلول 2035، أو حول معيار الطاقة النظيفة الذي اقترحه.
موازنة الإجراءات
ورأى المحلل ان العمل لحماية المناخ في الولايات المتحدة التي تعتبر أكبر منتج للكربون في العالم تصطدم بمعارضة الزيادة في التكاليف والضرائب التي تنطوي عليها سياسات توفير الطاقة.
على ان هذه القضية ستطرح للبحث والمناقشة من قبل جميع المشاركين في مؤتمر Cop26 الذي تستضيفه مدينة غلاسكو في نوفمبر، لكن المشكلة ان صانعي السياسات محاصرون بين سندان وعودهم بالامتثال لمتطلبات المناخ التي وافقت عليها الحكومات من جهة، ومطرقة الشعوب التي تطالب بالنمو وخلق فرص العمل وخفض التضخم من جهة اخرى.
وانتهى المحلل الى القول ان التحدي يزداد تعقيدا بسبب زيادة عدم المساواة في غمرة انتشار الوباء، سواء داخل البلدان أو بين الدول الغنية وبقية الدول. أما بالنسبة للكثيرين فإن إنقاذ كوكب الأرض في الغد يأتي في المرتبة الثانية بعد توفير الاحتياجات المادية العاجلة.
حقا إنها معضلة مألوفة، لكن يجب معالجتها إذا اكتسب مؤيدو الطاقة الخضراء قوة جذب في أوساط الأغلبية التي سيتعرض مستقبلها للخطر بسبب الفشل الآن في اتخاذ إجراءات لجعل العالم خاليا من الكربون.