جائحة كورونا لم تمر بسلام، بعد أن انهار الاقتصاد وتوقف الإعمار وتراجع التعليم، وما زال العالم العربي والغربي على حد سواء يدفع ثمن هذه الجائحة.
على الجانب التعليمي، أغلقت المدارس، وصار التعليم عن بُعد، وأصبحت الاختبارات إلكترونية عبر برنامج «التميز»، وازدادت حالات الغش، وعجز المعلمون عن محاربة الغش، وبغمضة عين أصبح الطالب متفوقا وعلى قائمة الشرف، وازدادت حفلات التفوق في البيوت الكويتية حتى وإن كان هذا التفوق وهمياً وكاذباً، فإن لفرحة التفوق طعماً خاصاً.
- تضخم الدرجات: وكنتيجة طبيعية لعدم وجود الاختبارات الورقية وعدم وجود المراقبين، فقد تضخمت الدرجات في جميع المراحل الدراسية، من المرحلة الابتدائية وحتى المرحلة الجامعية ثلاثة فصول دراسية متتالية.
وتكمن الطامة الكبرى في تضخم الدرجات في المرحلة الثانوية العامة وحصول الغالبية العظمي من الطلاب والطالبات على الدرجة النهائية، حيث تساوى الطالب المتفوق تفوقا حقيقيا مع الطالب المتفوق تفوقا وهميا.
وكنتيجة طبيعية، فقد ازداد عدد الناجحين الفائقين الذين تقدموا للجامعات والكليات والمعاهد بمختلف التخصصات العلمية والأدبية، وهنا وقعت هذه المؤسسات التعليمية في أزمة حقيقية للقبول.
والسؤال الذي يفرض نفسه: هل سيتم قبول جميع المتقدمين، خاصة أنهم حققوا شرط النسبة؟
- النوع والكم: يقولون إن الاعتراف بالخطأ فضيلة، ونحن كأولياء أمور ندرك تماما أن أبناءنا حققوا شرط النسبة ليس بجهدهم ولكن بفضل جائحة «كورونا» والتعليم عن بُعد، وقد تساوى الطالب المبدع مع الطالب الكسول.
كل طالب يعرف حقيقة نفسه، وكل ولي أمر يعرف حقيقة ابنه ومدى استيعابه ومدى مهارته ومدى حبه للعلم ومدى تعبه في تحصيله، فهل سنسمح للطلبة الفائقين تفوقا وهميا كاذبا بأن يستولوا على كراسي الطلبة الفائقين تفوقا حقيقيا؟!
ثانيا: حتى وإن تم قبول الطالب وهو يعلم حقيقة وقصة تفوقه الوهمي بل ويعلم حقيقة قدراته، فهل سيستطيع أن يكمل المسير وأن يتفوق ويتخرج؟، أم أنه سيتعثر دراسيا وستضيع أيامه وسنينه سدى ثم يجد نفسه مفصولا من الجامعة أو الكلية لتدني معدله العام!
هنا لنا وقفة، نحن كأولياء أمور، في نصح أبنائنا باختيار التخصص وعدم خداع النفس، فالإنسان يستطيع أن يكذب على الآخرين ولكن لا يستطيع أن يكذب على نفسه، فشتان بين النوع والكم.
وكذلك كان لزاماً على المؤسسة التعليمية أن تعقد عددا من الاختبارات لقياس مستوى الطلبة التعليمي والتعرف على قدراتهم الحقيقية، وألا تتساهل في اختيار نوعية المقبولين، وألا تنظر إلى الأعداد بقدر ما تنظر إلى النوعية.