تختلف الدول في مواقفها حيال القضايا المتعددة في العالم سواء كانت مواقف رسمية معلنة أو غير معلنة أو كانت غير رسمية، في الواقع إن مواقف الدول لا تختلف كثيرا عن سلوكيات الأفراد، فبعض الدول تظهر مواقفها وقت الشدة بوضوح وحزم وصدق وبذلك ينمو رصيدها في المجتمع الدولي.
وبعض الدول تستهلك الكثير من الوقت حتى يتضح موقفها من أي قضية، وأخرى تؤثر الابتعاد عن أي قضية قد لا تبدو لها أنها ذات تأثير مباشر عليها.
وذلك مثل الأصدقاء من البشر حيث إن بعض الأصدقاء من البشر تعتز بمواقفه الجدية إلى جانبك وخاصة في أوقات الشدة وبعضهم يكتفون بالكلمات الطيبة فقط والبعض الآخر قد يدير لك ظهره وينصرف عنك وقت حاجتك إليه.
وقد يردد الإعلام بعض الكلمات عن علاقات الأخوة والصداقة والمصالح المشتركة بين الدول ولكنها لا تتفق مع ما يحدث على أرض الواقع من مواقف يصعب فهمها أو تفسيرها وتكون الصورة الظاهرة أن المجتمع الدولي تسوده العلاقات المعقدة والمواقف الغامضة.
ويجب على كل دولة أن تبني مواقفها بناء على الفهم العميق لما يدور حولها مهما كانت العلاقات متشابكة ومتغيرة من آن لآخر فلا توجد ثوابت في العلاقات بين الدول ولكن توجد مصالح متغيرة تماما مثل العلاقات الواقعية بين الأصدقاء.
وقد تعاتب صديقا أحيانا عن موقف لم تشعر أنه كان يتفق مع عمق الصداقة بينكما ويكون العتاب صريحا ولكن العتاب بين الدول قد تكون تكلفته عالية على الطرفين، وأعتقد أنه أمامنا العديد من الأمثلة في الحاضر والماضي والتي توضح أن التحدي الأخلاقي في التعامل بين الدول ليس بالأمر السهل.
ولا تختلف المكايدات بين الدول عن المكايدات بين الأفراد ولا تختلف سياسات العصا والجزرة بين الدول عن مثيلاتها بين الأفراد ولا تختلف مواقف الإمساك بالعصا من المنتصف بين الدول وبين الأفراد وهكذا العالم من حولنا يموج بالمواقف والسياسات التي لا تكون مثالية بالطبع ويعتقد البسطاء أنها مرتكزة على مبادئ وقيم ومثل عليا.
أما النفاق والانتهازية في سلوك الأفراد والذي يسهل اكتشافه فإنه يحتاج إلى بعض الوقت لتأكيد حدوثه في مواقف الدول عندما يكشف عن وثائق لم تكن قد نشرت في السابق وهي كثيرة ومتعددة.