المتابع لأحوال المسلمين وخاصة أنظمتهم يجد أن حدوث تناحر بينهم ليس غريباً وقيام حروب أهلية في بلادهم سرعان ما تستعر ويقتل بها الكثير منهم وتتعدد إصاباتهم ويشرد إخوانهم والسبب يعود إلى هذا التناحر والاختلاف، مع أن المفروض أن تكون إحدى الدول المعادية ذات المصالح هي المستفيدة من اختلاف المسلمين، إلا أن الطرف الآخر منهم يريد أن تكون له قسمة من جسد الغنيمة.
ما نراه في أفغانستان وما حدث في ليبيا وسورية ومصر والسودان وغيرها ممن قتل وشرد به المسلمون له دليل على استغلال الحدث بنزاع وتناحر للفوز بالصفقة، همه ذلك ورأيه أنه الأولى والأحق، يستغل حب الوطن والجهاد في سبيله والدفاع عنه لحاجة في نفس يعقوب! ويدعي أن الآخر من أهل الفساد والتطرف حتى لو كانوا من الصالحين، وبعد انتصارهم ترى الباطل حقا والخطأ عدلا والضعيف قويا، ما إن يتمكن إلا وأرسى قواعده، وعملاؤه لا يرغبون في المسلمين إلّاً ولا ذمة.
منهم من يدعي الإسلام فهو العالم الملهم، ومنهم من يأخذ بالأنظمة الإلحادية فهو العادل المنصف، ومنهم من يأكل مدخرات الشعوب فهو الكريم الجواد، كل هذه التعبيرات ما تتعدى كونها رتوشا إعلامية تذهب مع ريح السيطرة والانتصار.
لقد أكرمنا الله عز وجل بدستور عظيم أرسله إلى نبيه صلى الله عليه وسلم ليخرج المسلمين من الظلمات إلى النور وهو القرآن الكريم، فقال الله فيه: (ما فرطنا في الكتاب من شيء) لقد نسي وتناسى المسلمون هذا المنهج العظيم وركزوا على أفكارهم وآرائهم فوصلوا إلى التناحر والجدل وحب الذات.
لقد خسر المسلمون من هذا التناحر والاختلاف، فانتشر القتل وزادت الإصابات وتشردت الشعوب وضعفت قوى الإسلام حتى سهل التهامها وأصبحت لقمة سائغة للأكل، وتوزعت تبعيتها للغرب والشرق حتى انهارت حضارتها وأصبحت من التاريخ.
وااإسلاماه، نداء لابد أن تسمعه أذن كل مسلم حاكما أو محكوما وصرخة تحرك الضمائر في نفوس المسلمين وحدس يشغل العقول الغافلة وقرار يعيد مجد الأمة وحضارتها، حيث إن فيها رجالا تربوا على مفاهيم كتاب الله وأخذوا تجارب أسلافهم وتعلموا العلوم النافعة، فالكثير منهم يشتغلون في بلاد الغرب ويعمرونها والأمة أحق بهم من هؤلاء.
إن المستقبل لهذا الدين رضى من رضى وخسر من رفض ووعد الله قائم والنصر آتٍ.
[email protected]