قد يبدو مفهوم النجاح والمثالية العظمى لدى البعض خاطئا، خصوصا في ظل ما نراه من مشاحنات ومشاجرات من البعض في مجتمعنا، وأمام الملأ، ذلك وبخلاف تعزيزهم أنفسهم بين الحين والآخر، وبطريقة مليئة بالتصنع والأخطاء المفضوحة والتناقضات المخلوطة للأسف.
لذلك تجدهم ينهكون أنفسهم وهم يتصنعون ويدعون ولا تسمع منهم سوى (الأنا)، والأمر بقدر ما هو مخز إلا انه مضحك أحيانا، إلى أن انتقلوا الى نقطة عمق من كل ما سبق، كما قال الدكتور بوزيداني.
وقد يرجع السبب في هذا الى ضيق فكرهم وعدم ثقتهم وكثرة مشاكلهم، تلك المشاكل التي هي جزء لا يتجزأ من طبيعة حياتنا.
لكن الحقيقة على العكس تماما، فما هو صحيح فعلا، أنه يجب ألا يغيب عن أذهان الكثيرين، أنه ليس من الضرورة أن تكون كل تلك التحديات وبعضا من تلك الأزمات هي الدافع الأساسي الذي يجعلنا نظهر للآخرين لنثبت لهم مثاليتنا وأخلاقنا بتلك الصورة المبالغ بها.
فالمثالية الحقة فعلا هي الفهم الصحيح لمعنى الحياة كما يخبرنا واقعنا، دون مبالغات أو انحيازات أو حتى افتراضات مسبقة، فكثيرا ما قد يكتشف البعض وفي وقت متأخر جدا أن كل ما قام به وسعى لأجله على قدم وساق فقط ليصفقوا له ويعجبوا بأنفته هو شيء لا يستحق بتاتا، ولم يكن بتلك الأهمية كما توقع، وفي المقابل أيضا قد تجد العكس.
فتيقن أنه لا شيء سيجعلك تنظر للعالم بمثالية أو بمعان خيالية سوى انت، انت فقط، وخاصة حين تتناول تلك المعاني باسترخاء وهدوء، كي لا تستمر في شحن السلبية بذاتك وكيانك، بل عليك أن تحاول وبكل مهارة أن تغذي بالراحة والاطمئنان شعورك كي لا تفقد توازنك وبريق روحك وشخصيتك، وكي لا تهدمها ومن ثم تبهت ألوانك.
وهنا لا تعتمد أبدا على الإلهام فقط قدر اعتمادك على المصداقية والواقعية الحقيقية، والتي يمكنك من خلالها أن تخرج بقيمة رائعة تكون مقدمة جديدة لـ «حياة جديدة». فكل تلك الأمور وإن كانت في غير محلها، ويقوم البعض بها، فقط ليثبت للناس ويا ليت يريد أن يثبتها لنفسه! بمثاليته، فهو مخطئ! ذلك لأن المثالية أسمى بكثير من تلك التصرفات، فهي أولا وأخيرا ترتكز على سلوكياتنا، وإيماننا وثقتنا بأنفسنا، والتي ستؤثر بشكل إيجابي على حياتنا وحياة من حولنا، فإن كنت تمتلك كل تلك الأمور، ولم تشعر بلذتها، وبلذة الفرحة بها، فما الفائدة إذن؟ تأكد أنه سيأتي ذلك اليوم الذي سيجعلك تبحث بكل همتك عن نافذة تريد الخروج منها، باحثا عن نوافذ أخرى، نوافذ تستمتع وانت تنظر من خلالها.
فلا شيء يبقى على حاله، فمرن عقلك على أن يعتاد على الرخاء لتوليد إحساس حقيقي بالصفاء والقناعة والإشباع.