مع إعلانها البدء بتعيين مسؤولين كبار ووزراء، تحول حركة طالبان تركيزها من الانتصار العسكري إلى كيفية إدارة البلاد، فيما يساور القلق آلاف الأفغان الراغبين في المغادرة مع اعلان الرئيس الأميركي جو بايدن التزامه بموعد الانسحاب من افغانستان نهاية الشهر ما يعني انتهاء عمليات الاجلاء الماراثونية التي تقوم بها دول العالم.
ولمواجهة الصعوبات الادارية السياسية التي بدأت تظهر بعد سيطرتها العسكرية، تلجأ طالبان إلى أسماء كبيرة راسخة في الحركة إلى جانب العديد من المديرين من مستويات أدنى من أجل إدارة البلاد.
ولم تعلن طالبان رسميا عن التعيينات الجديدة التي قال أحد القادة إنها ليست نهائية، لكن وكالة بجواك للأنباء قالت إنه تم تعيين غول أغا وزيرا للمالية، وصدر إبراهيم قائما بأعمال وزير الداخلية. ونقلت قناة الجزيرة عن مصدر في طالبان أن الحركة عينت الملا عبد القيوم ذاكر، المعتقل السابق في سجن غوانتانامو، قائما بأعمال وزير الدفاع، وغول أغا رئيسا للجنة المالية في طالبان وهو مستهدف بعقوبات من جانب الأمم المتحدة، ويقول إخطار بعقوبات الأمم المتحدة إن جول أغا صديق طفولة للملا عمر مؤسس الحركة الراحل، وأكد مسؤول في طالبان في كابول أن التعيينات في الوزارات الرئيسية تمت هذا الأسبوع.
ونقلت «رويترز» عن ثلاثة من المسؤولين من المستوى المتوسط في وزارة المالية والبنك المركزي أن طالبان أمرتهم جميعا بالعودة للعمل إذ تواجه البلاد فوضى اقتصادية ونقصا في السيولة.
وكان أشرف حيدري الخبير الاقتصادي بوزارة المالية الأفغانية ينتظر على أحر من الجمر بمنزله عندما وصلته مكالمة هاتفية من طالبان، أمره أحد قادة الحركة بالعودة إلى عمله للمساعدة في إدارة شؤون البلاد بمجرد رحيل «الأجانب المعتوهين».
وعلى الطرف الآخر من الهاتف حث القائد الطالباني حيدري على العودة إلى وزارته حيث يعمل في تخصيص الأموال لأقاليم البلاد الأربعة والثلاثين.
وقال حيدري (47 عاما) لـ «رويترز»: «قال لا تفزع أو تحاول الاختباء فالمسؤولون يحتاجون لخبرتك في إدارة بلادنا بعد رحيل الأجانب المعتوهين». وقال ذبيح الله مجاهد المتحدث باسم الحركة للصحافيين في كابول أمس الأول «حان الوقت كي يعمل الناس من أجل بلدهم». وأضاف أن طالبان تعمل لوضع ترتيبات لعودة الموظفات الحكوميات لأشغالهن لكن عليهن البقاء في البيوت الآن لأسباب «أمنية».
وأكد مسؤول بالبنك المركزي الأفغاني عاد لعمله ويريد الحفاظ على سرية هويته لـ «رويترز» أن طالبان استدعت حتى الآن عددا قليلا من المسؤولين خاصة في وزارتي المالية والداخلية.
وقال حيدري الاقتصادي بوزارة المالية إنه لم يخبر أسرته عندما خرج من البيت يوم الاثنين للعمل تحت حكم طالبان «لتحاشي الذعر».
وفي المكتب استقبله ثلاثة من مسؤولي طالبان وأبلغوه بأن زملاء آخرين سينضمون له قريبا وأنهم بحاجة للتركيز على إرسال الأموال إلى الأقاليم.
وقال أحدهم لحيدري إنه مسؤول عن الأمن في الوزارة وإن استراحات الصلاة إجبارية، وأضاف «لا يحملون أسلحة داخل المبنى وقال أحدهم يمكننا أن نتعلم من خبرتك».
خلافا لحيدري الذي قرر البقاء، تزايد القلق لدى آلاف الأفغان المستعدين للقيام بكل شيء للفرار من بلادهم، والذين يحتشدون منذ أيام في مطار العاصمة ومحيطه، وبعضهم مع عائلاتهم بأكملها على أمل الرحيل في إحدى طائرات التي تسييرها الدول الغربية.
ورغم الوضع الفوضوي، ساهمت واشنطن في إجلاء 70.700 شخص بينهم أربعة آلاف أميركي منذ بدء تشغيل الجسر الجوي في 14 الجاري، عشية دخول طالبان الى كابول وتوليها السلطة.
وقامت الدول الغربية بإجلاء آلاف الأجانب الآخرين أو الأفغان الخائفين على حياتهم في معظم الأحيان لأنهم عملوا لدى الحكومة المخلوعة او قوات حلف شمال الأطلسي خلال سنوات الحرب العشرين.
وقد برر بايدن قراره الالتزام بموعد سحب القوات بالقول إنه كلما طالت مدة بقاء الولايات المتحدة في أفغانستان كلما كان هناك «خطر حاد ومتزايد بوقوع هجوم من قبل جماعة إرهابية تعرف باسم ولاية خراسان في تنظيم داعش».
وأضاف «كل يوم نكون فيه على الأرض هو يوم إضافي نعرف فيه أن تنظيم داعش ـ ولاية خراسان يسعى لاستهداف المطار ومهاجمة القوات الأميركية والقوات المتحالفة معها».
في السياق، أعلنت روسيا أمس إقامة جسر جوي لإجلاء نحو 500 روسي ورعايا دول مجاورة، من أفغانستان.
وتتم عمليات الإجلاء باستخدام 4 طائرات نقل عسكرية تتجه إلى مدينة أوليانوفسك الواقعة على نهر الفولغا.
وتشمل هذه العمليات أكثر من 500 من الرعايا الروس ومن الدول الأعضاء في منظمة معاهدة الأمن المشترك (بيلاروسيا وقرغيزستان وطاجيكستان وأوزبكستان) التحالف العسكري الذي تقوده موسكو، وأوكرانيين.