انعقد في بغداد أمس مؤتمر التعاون والشراكة بحضور عدد من الرؤساء والأمراء والملوك والمسؤولين العرب والأجانب.
وترأس ممثل صاحب السمو الأمير الشيخ نواف الأحمد، سمو الشيخ صباح الخالد رئيس مجلس الوزراء وفد الكويت المشارك في المؤتمر.
وقد أكد رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي أن مؤتمر بغداد للتعاون والشراكة يجسد رؤية العراق لضرورة إقامة أفضل العلاقات مع دول العالم، مبنية على أساس التعاون والتكامل وعدم التدخل في الشؤون الداخلية وتغليب لغة الحوار والشراكات الاحترام المتبادل.
وقال الكاظمي في كلمته بالجلسة الافتتاحية، إن المؤتمر يعقد في ظرف حساس وتاريخي يمثل زخما جديدا لمساعي العراق بتوطيد علاقته الخارجية على أساس التعاون والتضامن والتفاهم المشترك والعلاقات الأخوية والمصالح المشتركة.
وأضاف ان العراق واجه - خلال المرحلة السابقة - تحديات كبيرة في مستويات مختلفة، لكنه تجاوزها بإرادة الشعب وإصراره على العمل والحياة من أجل المستقبل وبمساعدة جميع إخوانه وجيرانه.
بدوره، قال أمير قطر صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني: «تمر منطقتنا بتحديات وأزمات معروفة لكم، وبعض بؤر التوتر فيها تشكل تهديدا ليس فقط لشعوب المنطقة بل أيضا للسلم والأمن الدوليين، الأمر الذي يستدعي معالجة جذور القضايا التي أفضت لبروز هذه الأزمات المتتالية. وفي هذا الصدد، نؤكد على أن وحدة العراق وطنا وشعبا، وتعزيز مؤسسات الدولة الشرعية بما في ذلك وحدة السلاح الشرعي في ظل سيادة الدولة، هي من أهم الخطوات في هذا الاتجاه».
وشدد على ان «العراق مؤهل للقيام بدور فاعل في إرساء الأمن والسلم في المنطقة»، مؤكدا الحرص «على دعمه لاستعادة دوره ومكانته التي يستحقها على المستويين الإقليمي والدولي، كما نؤمن أن أمن العراق واستقراره هو من أمن واستقرار بقية دول المنطقة. ونؤكد بأننا سنواصل دعمنا للشعب العراقي الشقيق ومساندته في تحقيق تطلعاته في السلام والأمان والتنمية».
ولفت إلى أن ما مر به العراق من حروب وما تعرض له من إرهاب وآفات أخرى عديدة، اجتماعية وسياسية، حالت بينه وبين استثمار مقدراته الحقيقية، «وهذا وضع مؤقت بالتأكيد، فنحن واثقون أن العراق يعيد اكتشاف مصادر قوته وأهمها الإنسان العراقي المنتمي لوطنه وشعبه».
ودعا المجتمع الدولي لتقديم الدعم اللازم لهذا البلد، ليتمكن من استكمال إعادة بناء المؤسسات المدنية والعسكرية لتحقيق الأمن والاستقرار والتنمية المنشودة للشعب العراقي الشقيق بعد طول المعاناة.
من جهته، أكد الرئيس عبدالفتاح السيسي أن مصر تقف سندا ودعما لجهود الحكومة العراقية نحو تقوية الدولة الوطنية ومؤسساتها بما يمكنها من الاضطلاع بمهامها في صون أمن واستقرار العراق وحماية مقدرات شعبه ووحدة أراضيه.
وشدد الرئيس السيسي - في كلمته أمام قمة بغداد، على رفض مصر التدخلات الخارجية في شؤون العراق والاعتداءات غير الشرعية على أراضيه، وتدعو مختلف القوى إلى احترام سيادة هذا البلد العريق وخيارات شعبه. وقال الرئيس إن هناك مصلحة - للجميع - في أن يقوم العراق بالدور المنوط به عربيا وإقليميا، من هنا يأتي الاجتماع لتجديد الدعم والالتزام بالمبادئ الثابتة في العلاقات الدولية التي لا خلاف عليها، وهي حسن الجوار وعدم الاعتداء والاحترام المتبادل لسيادة الدول والامتناع غير المشروط عن التدخل في شئونها الداخلية والتوقف عن سياسة فرض الأمر الواقع باستخدام القوة العسكرية أو المادية، فضلا عن عدم توفير ملاذات آمنة أو أي شكل من أشكال الدعم للجماعات الإرهابية والمتطرفة أو نقل عناصرها من دول إلى أخرى.
وأعرب الرئيس السيسي عن سعادته بالتواجد في العراق «الأمر الذي يجسد المستوى غير المسبوق لعلاقات الشراكة مع أشقائنا العراقيين والرغبة السابقة في تدشين مرحلة جديدة من التعاون البناء عبر آليات فعالة ومتعددة سواء على الصعيد الثنائي أو الثلاثي (المصري - العراقي - الأردني) أو في الإطار الإقليمي الأوسع، بما يمكننا معا من أن ننطلق نحو آفاق أرحب من الشراكة والتعاون على نحو يلبي تطلعات ومصالح شعوبنا استنادا إلى علاقات وروابط قوية وممتدة وقائمة على مبادئ راسخة لا نحيد عنها لتحقيق المصالح المتبادلة وصون أمن واستقرار المنطقة بأكملها».
وفي السياق، قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ان مؤتمر بغداد للتعاون والشراكة يؤكد ان منهج التعاون والشراكات يبقى هو الركن الأهم لتحقيق السلام في المنطقة.
وذكر ان الهدف الأول من المؤتمر هو دعم العراق في مساعي تعزيز الاستقرار ومحاربة الإرهاب، مجددا دعم بلاده للأجهزة الأمنية العراقية.
وأضاف ان «مؤتمر بغداد ثمرة النقاشات مع العراق وأن نجاح الشعب العراقي نجاح جميع المشاركين في المؤتمر»، مؤكدا على أن العراق يجب أن يلعب دوره كاملا في الحفاظ على السلم والاستقرار من خلال التنسيق مع دول المنطقة، وتجاوز الخلافات من خلال العمل على محاربة الإرهاب.
وأشار الى أن «الشعب العراقي عانى الكثير وأن العراق يتوجه اليوم نحو الاستقرار والتنمية» مبينا أن «فرنسا ستبقى ملتزمة بدعم العراق ودعم القوات العراقية لاسيما دعم سيادة الدول».
ولفت الى أن «العراقيين ينتظرون الإصلاحات الضرورية وأن فرنسا لديها مشاريع مختلفة في العراق».
وشدد الرئيس الفرنسي على أن «الاتحاد الأوروبي سيرسل مراقبين للانتخابات» في إشارة إلى الانتخابات النيابية العراقية المقررة في أكتوبر المقبل.
بدوره، ذكر وزير الخارجية السعودي، فيصل بن فرحان، في كلمة المملكة خلال المؤتمر أن «الروابط بين السعودية والعراق تاريخية»، مشيرا إلى أن «هناك تطورا كبيرا اليوم في العراق».
وأضاف: «نحن ندعم العراق ومستمرون في دعم أمن واستقرار العراق لتحقيق المصالح المشتركة، وتكثيف التعاون في مجالات الطاقة والربط الكهربائي وتطوير المعابر الحدودية».
وقال إن «السعودية تدعم الحكومة العراقية والسعي لتحقيق الأمن والاستقرار ومكافحة الإرهاب، وسنستمر في مواجهة خطر التطرف والإرهاب ومواجهة داعش والسيطرة على السلاح المنفلت».
وتابع: «مستمرون بالتنسيق مع العراق لمواجهة خطر الإرهاب والتطرف، ونتطلع للعمل مع اخواننا في العراق لتحقيق التعايش السلمي وأن العراق قادر على تحقيق الازدهار وسندعم العراق».
هذا، وأكد وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين، أن مؤتمر بغداد خلق حالة حوارية من العمل المشترك في المحيط الإقليمي بدلا من الصراعات، مشيرا إلى أن البيان الختامي للمؤتمر تطرق لمجموعة من القضايا تتعلق بدعم العراق وسيادته، وأنه تقرر أن يكون للمؤتمر استمرارية بمشاركة دول أخرى في المستقبل.
وقال إن بغداد جمعت قوى مختلفة ودولا متضادة على طاولة واحدة، وأن المؤتمر سيخفف الضغوط والتوترات التي تعاني منها المنطقة، مشيرا إلى أن استقرار المنطقة يؤثر إيجابيا على العراق، والعكس صحيح.
وأوضح حسين ان هذا المؤتمر يختلف عن اجتماع القمة العربية المنعقد في بغداد 2012، ولم يناقش قضايا خلافية إقليمية ودولية من ضمنها الأزمة السورية، والتي نأمل أن نطرحها مستقبلا في المباحثات».
ولفت حسين إلى أن اللقاءات الثنائية المنعقدة على هامش «مؤتمر بغداد للتعاون والشراكة» تتعلق بالدول المعنية نفسها، وأن المفاوضات بين طهران والرياض في بغداد مستمرة، وهي التي تحدد طبيعة تلك اللقاءات.