خلال مقابلة صحافية أجريتها عام 2008 مع المسؤول الاقتصادي في السفارة اليابانية، سألته عن عدم رغبة اليابان بالاستثمار في الكويت بعد أن كانت من أكثر الدول المستثمرة فيها؟!، كانت الإجابة خالية من الديبلوماسية المعهودة من اليابانيين، فقد قال: اليابان لديها رغبة ملحة للاستثمار في الكويت، التي لديها الكثير من القوانين التي تجعل منها بيئة غير مهيأة لهذه الاستثمارات، خصوصا أنه يجبر الشركات اليابانية على وجود وسيط محلي في الكويت، وأن الكويت التي ترغب بأن تكون مركزا ماليا ولكن لم تحدد أي نوع من المراكز تريد، فهناك أنواع منه سياحي أو بنوك أو إعادة تصدير أو نفطي وغيرها، صحيح أن المقابلة قديمة لكن ما زالت البنية التحتية القانونية وعدم وضوح الهدف والإيمان بالتطور غير متوافرة في الكويت.
الشركات اليابانية تعكس هوية مؤسسيها، فلا تستطيع العمل في البيئات العشوائية التي يتم تغيير القوانين فيها بشكل مزاجي غير واضح، أو أن تكون تحت رحمة وكيل محلي، يجبرها على عمل أشياء غير قانونية، لذا دائما ما تبتعد عن البيئات التي تشوه سمعتها، إلا بحالات تكون مرتبطة بعقود ومواثيق لصالحها حتى تشرع في العمل، لأن باعتقادهم أن الشركة مثل الإنسان يجب أن تحافظ على سمعتها.
العلاقات اليابانية- الكويتية احتفلت قبل أشهر بمرور 60 سنة على انطلاقها، وهو تقريبا يتزامن مع انضمام الكويت للأمم المتحدة والاعتراف بها كدولة لها كيان، بداية العلاقات كانت قوية خصوصا مع ارتباط اليابان بشركة الزيت العربية اليابانية، وتسير البعثات لليابان، وإنشاء بعض محطات الطاقة في الكويت، ولكن فترت هذه العلاقات مع الزمن، حتى أصبحت مقصورة على (جمعية الصداقة الكويتية اليابانية) والتي دورها محدود جدا، بل حتى أنه لا توجد جهة رسمية لغاية الآن تدرس اللغة اليابانية في الكويت، رغم أنها ثالث أقوى لغة بالاقتصاد في العالم، وتقهقر العلاقات الاقتصادية والثقافية خسارة للبلدين، والكويت التي لديها خطة 2035، محتاجة فعليا لربط هذه الخطة مع دولة لديها باع طويل في التنمية نفس اليابان، خصوصا من ناحية الإدارة اليابانية.
اليابان بدأت بإنشاء طريق بحري جوي بري، لربطها تجاريا بالقارة الأوروبية وأفريقيا، وبالتأكيد فكرة بمنطقة الخليج العربي لإنشاء موانئ ومطارات ومراكز تخزين وتصدير، ولكنها لم تختر الكويت بسبب ما ذكرناه في بداية المقال وهي فرصة عظيمة كاستثمار، ولكن الفرصة ما زالت قائمة، وإمكانية إبراز الكويت كمحطة مهمة بهذا الطريق ممكنة، لكن نحتاج لإيمان بالتطوير وإنشاء بنية تحتية قانونية أولا ومن ثم بنية تحتية لهذه الموانئ وغيرها.