ألقى فيروس كورونا المستجد بظلاله وتداعياته على مختلف نواحي الحياة دون أن نشعر بذلك، وتداخلت المفردات المتعلقة بكورونا في التواصل اليومي بين الأفراد حتى على مستوى الأسرة داخل المنزل، ولا تستغرب أن يحدثك طفلك عن أنواع اللقاحات ويسميها، ولا تندهش عندما تسمع عن التباعد الجسدي من عامل بسيط.
أما المناعة المجتمعية التي يتحدث عنها المتخصصون وغير المتخصصين للوقاية من كورونا فتوجد مناعة أهم منها وهي المناعة الواقية من الفساد والعبث بالمال العام وإهدار كرامة المواطن وعدم احترام خصوصيته وغيرها من حقوق الإنسان الأساسية والتي يجب ألا تغيب عن أي أساسيات أو إجراءات، إذ يجب متابعة الالتزام بها على أعلى المستويات، وعلى الإعلام الحر والمجتمع المدني أن يقوم بدوره ومسؤولياته للوصول للمناعة المجتمعية ضد الفساد والتي تعتبر أهم من المناعة الواقية ضد كورونا.
إن تداعيات الفساد والعبث بالمال العام والتعدي على الخصوصية وكرامة الإنسان تستحق الترصد الدقيق والشفاف في الإعلان عنها وفضح الممارسات المتعلقة بها، وأتمنى من المتحدثين الرسميين أن يعلنوا عن تلك الجوائح الأخلاقية التي تعصف بالمجتمع مثل اهتمامهم بالإعلان عن جائحة كورونا والمناعة المجتمعية الواقية منها، حيث انه لدينا كفاءات متميزة وأقلام حرة ونزيهة تستطيع أن تفعل الكثير وصولا إلى المناعة المجتمعية ضد الفساد بدون وخز التطعيم وبدون أعراض ثانوية له، وهناك العديد من الأمثلة عالميا وإقليميا لأدوار متميزة قام بها الإعلام وحققت نتائجها.
ومن الجوائح التي يجب مجابهتها بالمناعة المجتمعية الهبوط المباغت من بعض محدودي المهارات والتأهيل والخبرات على مواقع حساسة وقيادية وإشرافية، حيث ان بعضهم لا يملك ما يقدمه سوى توقيع يكشف عن نفس مريضة أو معقدة لحامله وهي أشد فتكا من الجوائح والأوبئة.
وإن اللهث وراء تحقيق المناعة المجتمعية الواقية من كورونا والترويج لها يجب ألا يشغلنا أو يبعدنا عن هدف تحقيق المناعة المجتمعية الواقية من الفساد والعبث بالحريات والخصوصيات وحقوق الإنسان الإنسانية والأساسية لتحصين المجتمع وضمان تقدم الدولة نحو التنمية الشاملة المستدامة التي تستحقها.