أخذت القضية الإسكانية أبعادا جديدة نظرا لتفاقم المشكلة الإسكانية وعدم وجود حلول جذرية لها خلال العقود الماضية رغم توافر المقومات الأساسية لتوفير الاستدامة للرعاية الإسكانية.
فالمطلع على موضوع المشكلة الإسكانية يعلم أنه من الناحية الموضوعية لا يمكن توفير الرعاية السكنية لجميع المواطنين بنفس النهج والفلسفة التي كانت عليها في العقود الماضية، وأن هذه الإشكالية ليست على المستوى المحلي وإنما على المستوى الدولي، لذلك يأتي دور الدولة في تقدم الدعم المعقول لهؤلاء المواطنين في الحصول على الرعاية السكنية من خلال مؤسساتها المختلفة كالهيئة العامة للرعاية السكنية، وبنك الائتمان الكويتي.
ونتيجة لعدم التعامل مع أبعاد المشكلة الإسكانية بشكل موضوعي بمفهومها وفلسفتها الصحيحة من قبل السلطتين التنفيذية والتشريعية، واجهت الدولة مشكلة حقيقية في توفير الاستدامة في الرعاية السكنية للمواطن، لذلك برزت أبعاد تلك المشكلة من خلال عدة جوانب منها ما يتعلق بمدى توافر الوحدات السكنية لمقابلة أعداد الطلبات السكنية للمواطنين، ومنها ما يتعلق بمدى توافر العرض الكافي للأراضي السكنية، الأمر الذي انعكس سلبا من منظور المواطن على أسعار شرائها خلال العقود الماضية، هذا إلى جانب آخر وهو الخلل في فهم مسألة توفير الرعاية السكنية، حيث يعتقد جل المواطنين أن مفهوم الرعاية السكنية هو أحقيته في تملك المسكن الخاص به وفق مواصفات عالية من الرفاهية التي تفوق متوسط دخله، وهذا مفهوم في رأيي خاطئ.
من جهة أخرى، فإنه على الرغم من محاولات تطوير التشريعات المنظمة للرعاية السكنية إلا أنها لم تكن لتلك التعديلات القدرة على حل المشكلة الإسكانية، بل قصرت تلك المحاولات على خلق حلول مؤقتة اتسم بعضها بأنها تعديلات جاءت مشوهة تشريعيا مما حول القضية الإسكانية إلى كرة ثلج مع مرور الوقت.
وما يستوقفني في موضوع تطوير التشريعات المتعلقة بالقضية الإسكانية، هي التعديلات التشريعية التي في ظاهرها تعالج المشكلة لكن في مضمونها تخلق تشويها تشريعيا لتشريعات قائمة، فعلى سبيل المثال التعديلات التشريعية التي أجريت في عام 2003 على قانون إنشاء الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية وذلك بتعديل أغراض الصندوق، والذي كان يخصص أغراضه في مساعدة الدول العربية والدول النامية في تطوير اقتصاداتها، وتنفيذ برامج التنمية فيها، والمشاركة في توفير الاحتياجات الضرورية لها، إلى مد نطاق عمل الصندوق بحيث يشمل المجالات المحلية، بالإضافة إلى الاستقطاع من صافي أرباح الصندوق لدعم موارد المؤسسة العامة للرعاية السكنية.
بقلم: بدر مشاري الحمادنائب رئيس جهاز المراقبين الماليين بالوكالة (سابقا)
baderalhammad.com