تنشر «الأنباء» دراسة خاصة أعدها الرئيس التنفيذي لشركة «اكسبر للاستشارات الإدارية» م.نايف بستكي، حول التميز في أعمال القطاع العام، وإعادة تطبيق حالات النجاح التي قامت بها بعض الجهات الحكومية بالكويت.
فعلى الرغم من حجم التذبذب الإداري والتراجع الذي شهدته معظم مؤسسات الدولة خلال الفترة السابقة، إلا أن بعض من تلك المؤسسات الحكومية قد استطاعت بفضل الإدارة الفاعلة لديها من تجاوز حالة الاحتقان السياسي الذي شهدته الكويت، علاوة على التقيدات الصحية والتي فرضتها جائحة فيروس كورونا.
كما استطاعت تلك الجهات الحكومية تحويل التذمر والحالة السلبية التي يعاني منها المواطن والمقيم، الى بوارق أمل وحالة من الإيجابية والتي من الممكن أن تعمم على بقية قطاعات العمل الأخرى في الدولة، كل بحسب دوره.
وتشير الدراسة إلى أن الهدف من هذه المبادرة الوطنية هو المساهمة في إشعال ضوء من الحالة الإيجابية التي تحتاج إليها الكويت خلال المرحلة القادمة، ويقول الرئيس التنفيذي لشركة اكسبر للاستشارات م.نايف بستكي، إن هذا العمل يستهدف حصر واستخلاص اهم مقومات النجاح الإداري، والتي اعتمدت عليها بعض من مؤسسات القطاع العام الناجحة في أعمالها، وبالتالي استنساخها وإعادة تطبيق تلك الأساليب المتبعة والعمل من خلالها في بقية مؤسسات الدولة الأخرى.
وعلى الرغم من تفشي الظروف ذاتها على جميع مؤسسات القطاع العام بالكويت، إلا أن بعض مؤسسات القطاع العام استطاعت تطوير أعمال تلك المؤسسة، وتحقيق الأهداف التي جاءت لأجلها، رغم الظروف الصعبة المحيطة.. وفيما يلي جانب من المؤسسات الحكومية التي تم رصد نتائجها الإيجابية خلال الفترة القصيرة الماضية:
«التأمينات الاجتماعية»
استطاعت الإدارة التنفيذية في المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية تحقيق أفضل أداء استثماري منذ تأسيس المؤسسة، وتطوير الأداء التشغيلي لها خلال السنة المالية 2020/2021، وذلك بتسجيل ارتفاع في قيمة أصول المحفظة الاستثمارية بقيمة 6.3 مليارات دينار، مما رفع من قيمة أصول المحفظة إلى 40.4 مليار دينار، بنسبة نمو 20.9% عن العام الماضي، كما حققت عائد على الاستثمار بنسبة 16.5%.
وعلى المستوى المحلي، استطاعت المؤسسة تحقيق 636 مليون دينار خلال 3 سنوات فقط، وذلك بالاستثمار بالشركات المدرجة ببورصة الكويت، والتي استطاعت من خلاله تحقيق 29.7% عائد على الاستثمار خلال الفترة ذاتها. ولم تأتي تلك النتائج القياسية من فراغ، وإنما جاءت من خلال العمل الجاد والإصرار نحو بلوغ الأهداف الاستراتيجية للمؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية، بالإضافة الى الفهم الدقيق لدورها بين أقرانها في مؤسسات الدولة والمجتمع بشكل عام.
وقد تم تحقيق هذه العوائد القياسية من خلال التوجه نحو العمل المؤسسي البعيد عن الفردية في اتخاذ القرارات، وجود فريق وطني مهني متمرس، الحرص على تنفيذ الأهداف التي تم إطلاقها والالتزام بها وباستخدام افضل الاستراتيجيات، مراجعة الخطة ومراعاة تطورات الأسواق، الالتزام بخطة العمل، الالتزام بسياسة العمل والأطر الأساسية للاستثمار، تطبيق مبادئ الحوكمة، قراءة المخاطر والتعامل معها بشكل جيد، التعامل مع أفضل الشركات في إدارة الأصول وأصحاب المصالح، إعادة هيكلة قطاع الاستثمار، وضع إجراءات عمل مؤسسية وفقا لأعلى المقاييس العالمية، تقديم الدعم اللازم للإدارة التنفيذية.
ولذلك فقد تواجدت تلك العوامل الإدارية مجتمعة والتي أدت إلى خلق نظام جيد للعمل نحو تحقيق النتائج المالية غير المسبوقة، والتي ينبغي المحافظة عليها والعمل على تطويرها باستمرار وذلك لتقديم المزيد من النتائج الإيجابية مستقبلا.
بنك الائتمان الكويتي
تعتبر قصة نجاح بنك الائتمان الكويتي من قصص النجاح الأخرى التي شهدتها مؤسسات القطاع العام خلال الفترة السابقة، فقد استطاع البنك تحقيق نتائج مالية وادارية غير اعتيادية، والتي توجت ببلوغ أصوله 600 مليون دينار خلال السنوات العشرة الأخيرة، وبنسبة نمو على الاستثمارات تجاوزت 5%.
وقد جاءت تلك النتائج الإيجابية للبنك من خلال الاعتماد على استراتيجية تطوير الأعمال والتحول من العمل التقليدي إلى المؤسسي الذي يجاري متطلبات المجتمع الحديث، الاعتماد على أدوات التكنولوجيا والتطبيقات الحديثة، الاعتماد على رؤية واستراتيجية طموحة، تحديث الهيكل التنظيمي للبنك بما يتناسب مع طبيعة العمل، الاعتماد على الإدارة التنفيذية الواعدة، الاعتماد على أنظمة عمل متطورة، الاعتماد على الكوادر الوطنية وتطوير المهارات، بالإضافة الى تطبيق نظم الحوكمة والرقابة الفاعلة. وعلى الرغم من ان دور البنك يعتبر اجتماعيا على المستوى المحلي، إلا انه استطاع تحويل العمل الى المؤسسية منها بفضل تلك السواعد، وتطبيق نظام جيد في الإدارة وتحقيق النتائج المرجوة.
الهيئة العامة للاستثمار
أما بخصوص الحالة الثالثة من حالات النجاح التي بينت متانة القطاع العام، على الرغم من مجاراته لبقية المؤسسات الحكومية الأخرى، فتعتبر الهيئة العامة للاستثمار أحد معاول البناء المالي للمرحلة المقبلة بالكويت، إذ يعتبر الصندوق السيادي الكويتي من أقدم الصناديق الاستثمارية حول العالم، والتي استطاع اليوم بلوغ المرتبة الثالثة عالميا بعدما كان متأخرا في المركز السابع لسنوات طويلة، وذلك بعد ان تجاوز أصولة 212 مليار دينار (700 مليار دولار)، وتحقيق نسبة نمو قياسية تجاوزت 33% عن العام الماضي.
وعلى المستوى المحلي فقد بلغت قيمة استثمارات الهيئة العامة للاستثمار - ابريل 2021 - حوالي 2.26 مليار دينار، وتحقيق عائد استثماري قياسي خلال ثلاثة سنوات بلغ حوالي 41.9%. وقد وضع هذا الإنجاز التاريخي الهيئة العامة للاستثمار أمام تحد كبير خلال المرحلة المقبلة في المحافظة على تلك الأصول أولا وتضخيم قيمتها بشكل أكبر ثانيا، خصوصا وأن العديد من الصناديق السيادية العالمية تسعى لتحقيق المزيد من الثروات وبالتالي المنافسة مع الصندوق السيادي الكويت بشكل مباشر.
وفي المقابل، فقد جاءت تلك النتائج الاستثمارية الإيجابية للصندوق السيادي الوطني من خلال الاعتماد على الكوادر البشرية الفاعلة، تطبيق سياسات استثمارية حصيفة، تنويع مصادر الاستثمار، بالإضافة الى اختيار أفضل الأسواق المولدة للثروات.
تحقيق النجاح في 11 خطوة!
فيما يلي أبرز 11 خطوة من خطوات النجاح التي اعتمدت عليها المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية، وبنك الائتمان الكويتي، والهيئة العامة للاستثمار خلال الفترة الماضية، والتي ينبغي إعادة جدولتها وتعميمها على بقية المؤسسات الحكومية الأخرى لتحقيق المنفعة العامة وتلبية احتياجات المواطنة الكريمة:
1- الاعتماد على العمل المؤسسي في إدارة المؤسسة.
2- تحديد الرؤية والحرص على تنفيذ الأهداف، بالإضافة الى العمل من خلال أفضل الاستراتيجيات.
3- مراجعة خطة التنفيذ، ورصد التطورات الأخرى.
4- الالتزام بسياسة العمل والأطر الأساسية.
5- تقديم الدعم اللازم للإدارة التنفيذية.
6- وجود فريق وطني مهني متمرس ومتميز.
7- تطبيق مبادئ الحوكمة، وقراءة المخاطر.
8- إعادة تصميم الهيكل التنظيمي للمؤسسة بشكل دوري، وتوزيع مصادر الإنتاج.
9- التعاون مع أفضل الشركات المتخصصة في تقديم الاستشارات.
10- تطوير الأعمال وفقا لأعلى المقاييس العالمية.
11- الاعتماد على أدوات التكنولوجيا والتطبيقات الحديثة في إدارة الأعمال.
استنساخ النجاح بمؤسسات القطاع العام
قال م.نايف بستكي ان أهمية عرض مثل تلك النتائج الإيجابية في مؤسسات القطاع العام تكمن أولا بقدرة مؤسسات القطاع العام الأخرى في تكرار عمليات النجاح، وبالتالي تحقيق الأهداف المنشودة منها. بالإضافة إلى ذلك، فإن مثل تلك النتائج المحققة من شأنها تعزيز عمل مؤسسات الدولة وتقليل الاعتماد على مصدر النفط في الناتج القومي المحلي للدولة، وبالتالي رفع نسبة الإيرادات الغير نفطية على الاقتصاد المحلي بالكويت.
كما أن دور الإدارة الفاعلة مهم جدا في المحافظة على مصادر الإنتاج، وتحقيق أعلى العوائد بأقل التكاليف. ومما سبق يمكن الاستدلال بأن وجود طاقات وطنية شبابية رائدة تستطيع تحويل المحن إلى منح في أحلك الظروف.
كما ان استنساخ النجاحات في القطاع العام، من شأنها إعادة روح الإيجابية والأمل في الجهات الحكومية والتي بقيت راكدة لعقود طويلة.
ومن جانب متصل، فقد تم لمس التطور الذي يعيشه القطاع العام بالكويت بشكل عام خلال وبعد أزمة كوفيد-19، والتي قد تأتي بنتائج إيجابية قريبا وذلك بالالتزام بتلك المحاور.