دائما ما يطعّم من أراد لك النصيحة أقواله بكلمات مأثورة أو حكم أو أمثال تعزز حديثه وتجعله أكثر إقناعا، لكن هناك من يقدم لك النصيحة الخبيثة بأن يقنعك بالمثل القديم والمعروف لدينا جميعا وهو «يا مغرب خرب بتشديد الراء بالكلمتين»، ويقصد بذلك أن تترك الخراب أو تخلط الأوراق بطريقة تجعل من يأتي خلفك لا يستطيع أن يطبق أي خطة إصلاحية إلا بفك التشابك المقيت الذي خلفه من كان قبله.
أقول إن هناك من قد يقدم نصيحة سيئة كتلك أو قد ينتظرها من تبوأ مركزا ما، وقد لا يحتاج بعض المسؤولين لذلك لأن نوازع «الكرسي لمصلحتي الخاصة بالمقام الأول» في داخله تغنيه عن الإنصات إلى أحد فهو يعلم أن كرسيه لن يدوم وقد أيقن أنه لا مفر من تركه للصفوف الأمامية إلا ويبدأ بالتخريب حينها، ومن ثم يقوم بتعيين من لا يستحق وإعفاء من هو قادر على العطاء، ويقرب من منظومة اتخاذ القرار من لا رأي له حتى في بيته ويقصي من نحتسبه عند الله قويا أمينا، ناهيك عن قرارات إدارية ذات تكلفة مالية إضافية من دون رادع، وتحويل للتحقيق من يراه أفضل منه لكي يحطم مستقبله الوظيفي فقط لمجرد التطبيق الحرفي لمثلنا السابق «يا مغرب خرب»، كأنه جاء ليتكسب من منصبه وينتقم من أي واقع فرض عليه الرحيل.
إن مثل هؤلاء لا يمكن بأي حال من الأحوال أن نتركهم لتغريبتهم بلا رادع أو مساءلة، وأنا أعلم أن سمو رئيس مجلس الوزراء الموقر لا يرتضي هذا النهج في حكومته، وعلى اختلاف تدرجهم الوظيفي، وأنا أقولها لك يا سمو الرئيس، صراحة انتبه، فهناك من يريد تحطيم مشروعك الإصلاحي حتى وإن تبقت من مشروعية صلاحيته القيادية أيام قليلة.
أدام الله الأمثال التي ترفع من مقام الإنسان، ولا أدام خبيثها.