«إن الله جميل يحب الجمال» وعندما ترى العين الأشياء كلها جميلة فهذا يعكس جمال القلب والروح الذي يرى كل شيء جميلا، ونحن مأمورون بتأمل الحسن والجمال في ذواتنا وفي الطبيعة والكائنات من حولنا.
جمال الطبيعة والألوان هو إبداع من صنع الخالق، أما الجمال الذي يتمثل في القيم الإنسانية الرفيعة فهو من صنع الإنسان، الفنون والثقافة هي أحد أشكال التعبير الإنساني الحر يسكن داخل كل واحد فينا ويظل باقيا لا ينتهي إلا بنهاية الحياه لأننا من خلاله نرى الكون جميلا.
لا يحارب القبح إلا الفنون والثقافة لأنها تصنع الجمال، وتلون الحياة فتصنع جمال أرواحنا، تصنع إنسانا صاحب عقل منفتح على الآخر لا يرى الأمور بعين واحدة، بل يرى العالم متعدد الأطياف فهو من صنع الإبداع والجمال انطلاقا من علاقته بالطبيعة، والمحيط الذي يعيش فيه ونتاج لعناصر ثقافيه هي نواة مجتمعه الإنساني.
إن من يكره الجمال يسعى لهدم قيمة الجمال كقيمة، ويهدم الثقافة الجمالية في مجتمعنا بأفكار هدامة وتخريبية وعدوانية تستبدل الجمال بالقبح والبشاعة، يلون الحياة بلون قاتم مظلم، ويحيل الحياة إلى عدم، وينتزع من وجودنا روح الإبداع والبهجة والفرح، فارضا على الآخرين ثقافته التي تعزز ثقافة القبح لسبب ما، بالكراهية والبشاعة والكآبة، وعدم الوعي بأهمية الجمال في حياتنا.
فالحياة لا تستقيم مع البشاعة، والجمال لا يأسره القبح، الفنون والثقافة لا تعيش في الظلام، مخزن يستمد منه المجتمع هويته وتماسكه الاجتماعي.
ولا يمكن أن يسكن القبح أعماق نفوسنا لأنها جميلة بالفطرة، إبداع إلهي خلق فينا منذ الولادة، خلق الجمال في كل شيء ولم يخلق القبح ولا الشر ولا الظلمة.
الإنسان بطبعه يعشق كل جميل، مقياس القبح والجمال غير مقياس الملامح والكلمات، إنها النور والحق والخير، إنها بصمات الله التي شوهها الإنسان بأنانيته وذاتيته وخداعه وحماقته.
مقياس الجمال في البشر هو الأخلاق، وحين تتغير الأخلاق يغيب الجمال وتفسد الأخلاق ويتزايد العنف.
قال تعالى (لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم) إن الله خلق الإنسان حيا عالما، قادرا، سميعا بصيرا، مدبرا حكيما، جمال هيئته باطنا وظاهرا، فإذا كان الإنسان جميلا فإن الحياة تبدو جميلة وإذا كان غير ذلك فهو يشوه الحياة.
أخلاق الإنسان وقيمه ومبادئه وأفكاره، وعلاقته بالآخرين هي الجمال فإن ساءت تغير سلوكه، انسحبت وغابت مشاعره وتحول إلى كائن آخر.
لترَ أعيننا الجمال ولنجعلها عادة لتتهذب حواسنا، لنبصر معها فطرة الحياة، ولنشعر بالجمال كقيمة مثل قيمة الخير والحق والمحبة والتسامح والسلام، فحين نصنع القبح عبر الأفكار الشاذة يصبح الجمال شحيحا والقبح عادة، من يقبح الجمال يقبح نفسه ومجتمعه وواقعه.
ألم يحن الوقت لثورة ثقافية جمالية تنويرية لمحاربة القبح؟!
٭ عز الكلام: حين تعثر على الجمال في قلبك، ستعثر عليه في كل قلب.
[email protected]
Nesaimallewan@