- نجدد دعمنا وتأييدنا للقضية الفلسطينية العادلة والتي تعتبر الركيزة الأساسية للسلام في الشرق الأوسط
- ندين ونستنكر بأشد العبارات كل الاعتداءات والهجمات بالصواريخ والطائرات المسيرة التي تتعرض لها السعودية
- تضامن تام مع مصر والسودان في حل أزمة ملء وتشغيل «سد النهضة» ورفض أي إجراء أحادي يمس حقوقهما المائية
- نؤكد دعمنا لاستقرار العراق الذي يمر بمرحلة مهمة من مسيرته السياسية تتمثل في الانتخابات البرلمانية
- لدينا قناعة ثابتة في عدم وجود حل عسكري للأزمة السورية والحل الوحيد هو من خلال تسوية سياسية
- جائحة كورونا تسببت في رفع البطالة في منطقتنا العربية إلى نحو 12.5% وانكماش اقتصادي قد يصل إلى نسبة 6%
ترأس وزير الخارجية ووزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء رئيس الدورة العادية الـ 156 لمجلس جامعة الدول العربية على المستوى الوزاري الشيخ د.أحمد ناصر المحمد أعمال الدورة التي انعقدت بالرئاسة الدورية للكويت ولمدة الستة أشهر المقبلة.
وتسلمت الكويت رئاسة المجلس الوزاري من دولة قطر بصفتها رئيسا للدورة السابقة للمجلس الوزاري وذلك خلال الجلسة الافتتاحية لاجتماع الدورة العادية الـ 156 لمجلس جامعة الدول العربية في القاهرة امس.
وتم خلال الاجتماع مناقشة كل البنود المدرجة على جدول الأعمال والقرارات والموضوعات المعنية بدعم وتعزيز مسيرة العمل العربي المشترك في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية وما تضمنته البنود المدرجة كذلك من قضايا ومواضيع تتعلق بالتطورات الراهنة في المنطقة.
كما تم بحث آليات تطوير مختلف مجالات التعاون بين المنظومة العربية والدول الصديقة والمنظمات الدولية الأخرى.
وألقى الشيخ د.أحمد ناصر المحمد كلمة الرئاسة لهذا الاجتماع فيما يلي نصها:
أعلن على بركة الله افتتاح أعمال الدورة العادية الـ 156 لمجلس جامعة الدول العربية على المستوى الوزاري.
في البداية، أود أن أتقدم بوافر الشكر والتقدير لدولة قطر والشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير خارجية دولة قطر على الرئاسة الناجحة للدورة السابقة 155 لمجلسكم، مثمنين عاليا الجهود المبذولة في سبيل تعزيز مسيرة العمل العربي المشترك خلال فترة توليه الرئاسة.
وبودي أيضا أن أشيد بالجهود المثمنة التي يبذلها الأخ أحمد أبوالغيط أمين عام جامعة الدول العربية، مؤكدين له وهو يدشن فترة ولايته الثانية دعمنا المتواصل لهذه المنظمة العتيدة ورسالتها السامية والشكر موصول لجهاز الأمانة العامة على ما بذلوه من جهود مقدرة في الإعداد والتحضير المميزين لهذا الاجتماع والذي يأتي بأسلوب مبتكر عبر الوسائل الإلكترونية بدلا من الوثائق الورقية الأمر الذي يعد خطوة مهمة لتطوير طرق وأساليب عمل الجامعة ومواءمتها مع التطبيقات العالمية الحديثة.
ونهنئ كذلك الأخ رمطان العمامرة وزير خارجية الجمهورية الجزائرية الديموقراطية الشعبية الشقيقة على تبوئه منصبه الجديد متمنيا له التوفيق والسداد والنجاح في مهامه.
ولا يفوتني الترحيب بمشاركة كل من وكيل الأمين العام والمفوض العام لوكالة «الأونروا» فيليب لازاريني والمبعوث الخاص للأمم المتحدة في ليبيا رئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا يان كوبيش.
منذ تفشي جائحة كورونا في العالم أجمع وردت أرقام وإحصائيات في تقارير صادرة عن الأمم المتحدة تشير إلى ارتفاع نسبة البطالة في منطقتنا العربية لعام 2021 إلى ما يبلغ 12.5% وانكماشا اقتصاديا قد يصل إلى نسبة 6% ووجود أكثر من 51 مليون شخص يعانون من الجوع أي ما يعادل 12.2 من سكان المنطقة العربية.
وهذا ما يبين بشكل جلي أنه لا توجد دولة محصنة بالكامل من هذه الجائحة أو إفرازاتها أو تداعياتها إن لم نكن جميعنا محصنين. ولذا فتضافر الجهود الدولية ومنها العربية في هذا المجال يدخل في خانة الحتميات أكثر من الخيارات، وهنا فإننا ندعو إلى تعاون منسق أكثر بيننا فيما يخص تعزيز المنظومات الصحية والتعامل بشكل تكاملي مع تداعيات هذه الأزمة فيما يخص الأمن الغذائي وتداعياتها كذلك على قطاع التعليم وذلك للحيلولة دون أن يكون هناك أي أجيال ضائعة والتعاون أكثر في قطاعات تقنية المعلومات بيننا.
تنعقد دورتنا الحالية في ظل استمرار التحديات الجسيمة التي تواجهها منطقتنا العربية وظروف دقيقة تلقي بظلالها وثقليها على النظامين العربي والإقليمي وأثرت على كل دولنا العربية بدون استثناء الأمر الذي يحتم علينا إعطاء الأولوية نحو التنسيق العربي بما يتعلق بقضايانا الملحة وضرورة انتهاج النقاش والحوار البناء والقبول بهامش من الاختلاف في وجهات النظر بهدف الوصول إلى حلول لأزمات المنطقة والتفكير في مستقبل العمل العربي المشترك وبث الروح في آلياته وأجهزته وإعطاء المجالات الأخرى للتعاون الأهمية التي تستحقها وتقديم الدعم الحقيقي لجامعتنا العربية وتزويدها بالإمكانيات والأدوات اللازمة لتمكينها من ممارسة دورها الفاعل والمؤثر والسير قدما في عملية تطويرها واعتماد الآليات التي تكفل الارتقاء بالأداء ولجعل العمل العربي المشترك أكثر استدامة وقابلية للتكيف مع المتغيرات المتسارعة من حولنا، ولعل التطورات الأخيرة في أفغانستان وانعكاساتها وارتداداتها السياسية والأمنية على المنطقة تدعونا إلى تضافر الجهود العربية لمواجهة هذا التحدي والطارئ الجديد.
ومن هذا المنطلق، فإننا نؤكد على أهمية الاستمرار في أسلوب العمل الجديد الذي بدأنا في انتهاجه بعقد الاجتماعات الوزارية التشاورية والتي تمثل أرضية خصبة لمناقشة قضايانا المهمة وفرصة لتبادل الآراء ووجهات النظر في إطار يتصف بالصراحة والشفافية بعيدا عن الأساليب التقليدية المعتادة، مشيدين بجهود دولة قطر في عقد الاجتماع الوزاري التشاوري الأول في شهر يونيو الماضي في الدوحة، ومتطلعين إلى الالتقاء بمعاليكم في الاجتماع الوزاري التشاوري الثاني في الكويت خلال الفترة القادمة.
وستواصل الكويت أثناء رئاستها لهذه الدورة الدفع بمسيرة العمل العربي المشترك خدمة لأهداف ومبادئ ميثاق جامعة الدول العربية والاستمرار بمساعيها وجهودها الحثيثة لتنقية الأجواء وتقريب وجهات النظر بين الأشقاء بهدف تحقيق التضامن العربي المنشود والتأكيد على عمق الروابط والعلاقات الأخوية التي تربط دولنا العربية.
نقف اليوم لنجدد دعمنا وتأييدنا للقضية الفلسطينية العادلة والتي تعتبر الركيزة الأساسية للسلام في الشرق الأوسط وأهم عوامل الاستقرار في المنطقة ولقد أعطت الأحداث في شهر مايو الماضي والعدوان الإسرائيلي الواسع على الأراضي الفلسطينية المحتلة زخما جديدا لهذه القضية تمثل بردود الأفعال الدولية التي اتفقت جميعها على أهمية استئناف عملية السلام وإيجاد نهاية لهذا الصراع الذي طال أمده، حيث أكد القرار 8660 الصادر عن اجتماعنا الذي عقد في 11 مايو 2021 على تحميل إسرائيل القوة القائمة بالاحتلال مسؤولية الجرائم والانتهاكات التي ترتكبها في انتهاك واضح لقرارات الأمم المتحدة والقانون الدولي والمطالبة بتوفير الحماية الدولية للشعب الفلسطيني.
ونؤكد في هذا الصدد على موقفنا المبدئي والثابت في دعم خيارات الشعب الفلسطيني لنيل حقوقه المشروعة والدعوة إلى إعادة إحياء عملية السلام على أسسها السليمة المبنية على قرارات الشرعية الدولية، وحث الأطراف الدولية بما في ذلك اللجنة الرباعية على اتخاذ الخطوات العملية من أجل إطلاق مفاوضات ذات مصداقية تعالج جميع قضايا الحل النهائي والانسحاب الكامل من الأراضي العربية المحتلة والتوصل إلى حل عادل لمشكلة اللاجئين الفلسطينيين وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة على الأراضي الفلسطينية المحتلة على حدود الرابع من يونيو لعام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية وفقا لقرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية، كما نجدد دعوتنا للمجتمع الدولي في دعم وكالة «الأونروا»، مؤكدين على الاستمرار في دعم الوكالة ودورها الحيوي في تقديم الخدمات الصحية والتعليمية والغوثية للشعب الفلسطيني.
وفيما يتعلق بالأزمة اليمنية التي دخلت عامها السابع وفي ظل ما يعانيه الشعب اليمني من مآسي وتدهور حاد للحالة الإنسانية والصحية نتيجة استمرار هذه الأزمة المأساوية وكذلك التداعيات الخطيرة لتفشي الأوبئة وجائحة كورونا، فإننا نعرب عن دعمنا لمبادرة المملكة العربية السعودية لإيجاد حل سلمي في اليمن وأهمية استكمال تنفيذ اتفاق الرياض بين الحكومة الشرعية والمجلس الانتقالي الجنوبي.
ونؤكد من جديد على موقفنا الثابت بأن الحل السياسي هو السبيل الوحيد لمعالجة هذه الأزمة المستند على المرجعيات الثلاث وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة لاسيما القرار 2216 ودعم جهود المبعوث الخاص الجديد للأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن هانس غروندبرغ، ونعبر عن القلق إزاء التصعيد العسكري الذي تشهده الآن بعض المدن اليمنية، وندين ونستنكر بأشد العبارات كل الاعتداءات والهجمات بالصواريخ والطائرات المسيرة التي تتعرض لها المملكة العربية السعودية من قبل المليشيات الحوثية، مؤكدين وقوفنا إلى جانب المملكة لكافة الإجراءات التي تتخذها للحفاظ على أمنها واستقرارها وسيادتها باعتبار أمن المملكة العربية السعودية جزء لا يتجزأ من الأمن القومي العربي.
وبالنسبة للوضع في العراق، فإننا نشيد بما صدر عن مؤتمر بغداد للتعاون والشراكة والذي عقد مؤخرا في العاصمة العراقية بغداد من نتائج تصب في صالح أمن واستقرار العراق والذي ينعكس بدوره على استقرار المنطقة بأكملها، ونؤكد هنا دعمنا لاستقرار العراق الذي يمر بمرحلة مهمة من مسيرته السياسية تتمثل في الانتخابات البرلمانية التي ستنعقد بتاريخ 10 أكتوبر 2021 والتي تتطلب من دول المنطقة والمجتمع الدولي دعمه ومساندته لعقدها ولتمكين الحكومة العراقية من ترسيخ مقومات سيادته واستقلاله ووحدة أراضيه وعدم التدخل في شؤونه الداخلية تلبية لتطلعات وطموحات شعبه.
وحيال القضية السورية، نؤكد على قناعتنا الثابتة في عدم وجود حل عسكري لهذه الأزمة وأن الحل الوحيد هو من خلال تسوية سياسية وفقا لقرار مجلس الأمن 2254 والمضي قدما في عمل اللجنة الدستورية وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية وفقا لقرار المجلس الوزاري الأخير 2585 والاستجابة لتطلعات الشعب السوري، ولا يفوتنا ان نؤكد في هذا السياق على أن الجولان السوري المحتل هو أرض عربية محتلة من قبل إسرائيل القوة القائمة بالاحتلال في مخالفة صارخة لميثاق الأمم المتحدة ومبادئ القانون الدولي وقرارات مجلس الأمن.
ونشيد في هذا الصدد بالجهود المثمنة التي يبذلها مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة إلى سورية غير بيدرسون.
وفيما يخص القضية الليبية، فإننا نؤكد أهمية التوصل إلى توافق حول الاستحقاقات السياسية والأمنية والدستورية التي تقود إلى إجراء الانتخابات الوطنية المقررة في 24 ديسمبر 2021 واستكمال أعمال اللجنة العسكرية 5+5 تحت رعاية بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا بما يحقق تطلعات الشعب الليبي ويضع حدا لكل التدخلات الخارجية بما تنطوي عليه من تهديد للأمن والاستقرار في ليبيا والإضرار بالأمن القومي العربي تنفيذا لمخرجات مؤتمر برلين 1 و2 وقرارات مجلس الأمن 2510 و2570 و2571 والبيان الصادر عن مجلس الأمن بتاريخ 15 يوليو 2021، كما نؤكد استمرار دعمنا كذلك لجهود يان كوبيش المبعوث الأممي الخاص لليبيا الهادفة لتسوية الأزمة الليبية.
نعرب عن تضامننا التام مع جمهورية مصر العربية وجمهورية السودان في حل أزمة ملء وتشغيل سد النهضة ورفضنا لأي إجراء أحادي يمس حقوقهما المائية باعتبار أن أمن مصر والسودان المائي جزء لا يتجزأ من الأمن القومي العربي، مؤكدين في الوقت ذاته دعمنا لكل المساعي الإقليمية والدولية الرامية إلى إنهاء هذا الملف بما يراعي مصالح كل الأطراف وذلك وفقا لقواعد القانون الدولي وإعلان المبادئ الذي وقعته كل من أثيوبيا ومصر والسودان عام 2015.
كما نعرب عن بالغ القلق من التبعات الخطيرة لتهديد أمن وسلامة الملاحة البحرية والتأكيد على أهمية مبدأ حرية الملاحة في المياه الدولية وفقا لقواعد القانون الدولي واتفاقية قانون البحار وضمان أمن وسلامة الملاحة البحرية في الخليج العربي وبحر عمان والبحر الأحمر وتأمين خطوط إمدادات الطاقة، ونؤكد دعمنا للبيان الرئاسي الصادر عن مجلس الأمن بتاريخ 9 أغسطس 2021 حول الأمن البحري وما انطوى عليه البيان من أسس ومرجعيات دولية تدعو إلى الحفاظ على أمن وسلامة تلك الممرات البحرية لما تمثله من شريان رئيسي للاقتصاد العالمي، كما نجدد أهمية الالتزام بكل الصكوك والمواثيق الدولية ذات الصلة وعلى رأسها معاهدة الأمم المتحدة لقانون البحار لعام 1982 واتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية لعام 2000، متطلعين للتعاون مع المجتمع الدولي تحقيقا لأمن وسلامة تلك الممرات واستمرار تدفق التجارة العالمية.
وأخيرا، نؤكد على إدانتنا ورفضنا لجميع أشكال التدخلات الخارجية التي تمس سيادة أي من الدول العربية، مشددين على إدانة تلك التدخلات في الشؤون الداخلية للعديد من الدول العربية باعتبارها تمثل انتهاكا صارخا لسيادة الدول وتجاوزا لكل الأعراف والقواعد القانونية الدولية.
واسأل المولى عز وجل أن يوفقنا لما فيه خير ورفعة دولنا العربية وشعوبها وتحقيق تطلعاتهم وآمالهم.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.