لا يقتصر التعليم على تجهيز المدارس والأثاث المدرسي والجداول الدراسية والحصص التعليمية، بل إنه أكثر من ذلك بكثير فإننا ما زلنا نتذكر بعض مدرسينا الأفاضل الذين يصعب نسيانهم لعطائهم المتدفق ولمشاركتهم لنا بالأنشطة المدرسية التي كانت تدخل البهجة والسرور لقلوبنا، حيث كانوا يشجعوننا على روح المنافسة الشريفة بالعلم والتعلم والأنشطة المختلفة وكانت المناهج الدراسية هي الغذاء الصحي للعقل والروح.
ولا يمكن أن تستقيم العملية التعليمية بدون وجود الإدارة الواعية التي تدرك دورها التنموي وتمثل النموذج لتفاعل قطاع التعليم مع ما يدور حولها من أحداث وتحديات وكوارث.
فعندما تحملت مسؤولية إعداد دراسة بتكليف من منظمة اليونيسكو عن تفاعل قطاع التعليم بمراحله المختلفة مع تحدي التصدي لفيروس نقص المناعة المكتسب «الإيدز» حيث كنت أتولى مهمة المستشار الوطني للدراسة حينها والمستشار الوطني لإعداد التقارير الوطنية وتقديمها لمنظمة الأمم المتحدة والمنظمات الدولية ومن بينها اليونيسكو فقد قمت خلال تلك المهمة بالعديد من المقابلات لجمع المعلومات عن البحوث والمناهج والنشاط المدرسي والتوعية ذات الصلة بالإضافة إلى قياس المواقف والاتجاهات والسلوكيات حيال موضوع الإيدز وكانت التوصيات متعددة والتي أتمنى أن يتم تنفيذها بالكامل.
أتمنى الآن توثيق تفاعل قطاع التعليم بمراحله المختلفة مع تحدي كورونا المستجد وتسجيل الجهود والإجراءات التي تمت وسوف تتم ضمن المنظومة التعليمية ودور قطاع التعليم للتخفيف من تداعيات كورونا المستجد والوصمة والتمييز داخل المجتمع المدرسي.
إن مثل تلك الدراسات عن تفاعل قطاع التعليم مع قضايا المجتمع تضيف الكثير إلى مهارات العاملين بقطاع التعليم وتبرز جهودهم وتساهم في تعزيز البنية الأساسية لقطاع التعليم ودوره التنموي.
وأتمنى من هيئات التدريس بكليات التربية والعلوم الحياتية أن يسارعوا بإجراء مثل تلك الدراسات التوثيقية المهمة التي بلا شك ستلقى الدعم والتمويل من مؤسسة الكويت للتقدم العلمي وستضيف الكثير للعملية التعليمية، حيث إنه عندما يتم بحث تفاعل قطاع التعليم مع جائحة كورونا بأسلوب علمي فإن ذلك سيكون إضافة لعوامل القوة التي نستطيع معها التصدي لأي كوارث أو طوارئ مستقبلا لا قدر الله.
وإن توصيات هذه الدراسات المرتكزة على الأدلة العلمية ستفتح المزيد من الآفاق والإضافات للتعليم والعاملين به وتعزيز دور العملية التعليمية التنموي ضمن الخطة الإنمائية للدولة.
وأعتقد أن اللجنة الوطنية لليونيسكو بالكويت تستطيع تقديم الدعم لهذه الدراسات عن تفاعل قطاع التعليم في الكويت مع تحدي كورونا المستجد، حيث إن ذلك ضمن مهامها ومسؤولياتها الوطنية.